منذ تكليف حسان دياب تأليف الحكومة، ومحور الممانعة منتفخ بانتصاره، يمتشق سلاح الاستكبار والاستخفاف بالذين يحلمون بتغيير يعيد اليهم بقايا وطن.
لمَ لا؟ فقد نجح في إزاحة من دجَّنهم واستغلهم للإطباق على مفاصل الدولة ومرافقها. وها هو اليوم يستغل انتفاضة اللبنانيين، التي يحتقرها أساساً، ليكمل عليهم بوسائله المألوفة، ويغسل يديه من شراكته إياهم في كل ملفات الفساد التي أطاحت بالإقتصاد اللبناني، وينتهي منهم الى أبد الآبدين، كما هو حلمه ومراده. وبالتزامن لا يوفّر مسعى لتزوير الوقائع والمعطيات التي دفعت المنتفضين على الطبقة السياسية كلها الى الشارع.
وعلى الرُعناء المنتفضين ممن يطمحون الى دولة ومؤسسات وعدالة إجتماعية ان ينكفئوا، لأن لا قدرة لهم على خربطة خريطة الطريق المطلوب تنفيذها. في الأساس، كانت الغوغائية تتحكم بهم، فعجزوا عن تنظيم صفوفهم. ولدى أذرع المحور كل الصلاحية لإستنباط السبل التي تعيدهم الى بيت الطاعة. وأولها اللعب الخبيث على وتر المذهبية وصولاً الى الفتنة، ووصولاً الى تزوير وقائع ما حصل منذ 17 تشرين الأول، مع تبسيط للأزمة الراهنة، الممكن حلّها “بحكومة ذات اختصاص يؤيدها المجلس النيابي” (الذي تمت السيطرة على أكثريته بفضل القانون الانتخابي الطائفي على قياسهم). ويطالبون بأن يقف الشعب مع الرئيس المكلف “النظيف الكف”، وتشكيلته المأمول منها “خلاص الوطن وإنقاذ الاقتصاد”.
لكن كيف؟ ليس مهماً. المهم ان الإستكبار الممانع، ومنذ اليوم الأول لخروج اللبنانيين الى الشارع مطالبين بإسقاط النظام، كان يراهن على تخويفهم بتخوينهم، ومن ثم إرهاقهم بعد إغراقهم بالهموم اليومية ومنعهم من الحصول على خبزهم كفاف يومهم، واستخدام النعرات الطائفية، من خلال صرخات “شيعة…شيعة” ومن ثم “الله …حريري… طريق الجديدة” بعد التسمية الهادفة الى التذاكي على الداخل والخارج في آن معاً.
ويبدو ان هذا المحور المستكبر والمنتفخ ببراعته، راهن أيضاً على فصل الشتاء وأمطاره ليضب الناس من الشارع، ويسخف تحركهم ومطالبهم. ثم يفرض عليهم سياسته للمرحلة المقبلة، التي بدأت تلوح معالمها، غير عابئ بالمستويات المذهلة للإنفصام الذي يدمغ أداءه. ولا يتورع عن تشييع رضى المجتمع الدولي، ومنه الولايات المتحدة على الإسم المكلَّف، شرط تركيب طرابيش “التكنوقراط” وفق مواصفات كفيلة بجذب الودائع والهبات والمساعدات.
فاستكبار المحور المعادي للاستكبار، ولشدة انتفاخه ببراعته، لم يعد مستعداً حتى لممالقة الشعب والادعاء انه يحمل مطالبه وهمومه ويتفهمها. انتهت فترة السماح على ما يبدو، ولا رحمة مع من يعترض سعيه المنطلق بشكل رئيسي من تعليمات رأس المحور الذي يشغله، وآخرها ما أتحفنا بها مستشار المرشد الإيراني، علي أكبر ولايتي، بقوله إن “التظاهرات المتواصلة في لبنان بعد تكليف دياب بتشكيل الحكومة الجديدة تتم بتحريض من قبل السعودية وإسرائيل”، مع استثناء واضح لـ”الشيطان الأكبر”.
بعد هذا القول، نقطة على السطر.