Site icon IMLebanon

إرحلْ ومَنْ سمَّاك يا حسَّان

 

لا شيء في مشروع قانون انتخابات وعَدَنا به حسان دياب إلا الخديعة والوَهم والاستمرار في حال الإنكار. لم تُرتكب مجزرة الأشرفية وضواحيها بسبب فساد النسبية وتلوّثها بالصوت التفضيلي، بل لأن المسار الفاشل للسلطة تدرّج بالبلاد من الفساد والزبائنية والقبول بانتهاك السيادة الى الإفلاس والإنهيار والسماح بانفجار قتَل فلذات الأكباد وعمَّم الدمار.

تافهٌ اقتراح دياب عرْضَ مشروع قانون جديد للانتخابات، لكنه خبيث أيضاً. بدَلَ ان يتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية عن الجريمة النكراء فيعتذر من اللبنانيين ويعود فوراً من السراي الى تلة الخياط، رمى في وجوههم نصف استقالة محوّلاً نفسه ضحيةً للانفجار ورئيسَ حكومةٍ نصف مسؤول… “هذه ليست منكَ يا حسان”… إنها من ذاك الذي استعبَدك وجعلك مطيَّة منذ كُلّفتَ سرقة حلم “ثورة 17 تشرين”.

هذه الخدعة لن تمر. إن دم اللبنانيين الغالي المهدور على يد المنظومة السياسية – وأنت خلاصة ارتكاباتها يا حسان – ليس ورقة للمساومة في مسرحية إقرار قانون انتخاب جديد أو في تنازلات ترسيم الحدود البحرية لكسب الوقت و”المبازرة” مع الأميركان.

ان جريمة العصر التي عصفت بالمرفأ وكل لبنان يجب ألا تمر من دون حساب عسير. وهو بدأ من ساحة الشهداء في سبت “تعليق المشانق” وتحطيم صور الأصنام، ولا يظُنّن أحد ان القمع سيمنع تحوُّلَه واجباً في ضمير كل لبناني يرفض استمرار العيش في ظل منظومة لم يعد وصفها بـ”سلطة احتلال” مبالغة أو ضرباً من مجاز أو جزءاً من سجال.

ليست أولوية اللبنانيين بعد تدمير نصف بيروت بفعل الإهمال او التواطؤ أو التغاضي أو انعدام الحس بالمسؤولية أو التخلي المقصود عن تطبيق القانون في أهم مرافقها، أن يستعر الجدل في طبيعة قانون الانتخاب أو يجري الدخول في متاهات “فرزلية” مطبوخة تمتص النقمة المقدسة لمصلحة من يناسبه دوام الحال… صحيح أننا نطمح الى قانون انتخابات عصري يستجيب لتطلعات ثورة الشباب اللبناني، لكن خطورة الأوضاع وانسداد الأفق الناجم عن طعن السلطة لمصالح الناس في الصميم يتطلبان استفتاء الناخبين بلا ابطاء. ورغم ان التجارب السابقة تثبت ان ممارسة الديموقراطية تحتاج الى ديموقراطيين فيما نحن نواجه قوى وايديولوجيات لا تحترم نتائج الانتخابات حين تكون أقلية، وتعتبرها طريقاً شرعياً الى الديكتاتورية متى فازت بالأكثرية، فإن اليأس غير جائز ولا بديل عن الاقتراع سوى العنف المؤدي الى الخراب.

هذا وقت رحيل الحكومة والبرلمان وليس لطرح قانون جديد للانتخابات كأن لا انفجار حصل في المرفأ ولا دُفن مواطنون تحت الركام، مثلما انه غير مناسب للترويج لحكومة وحدة وطنية تشكل مرة أخرى غطاء لمشروع الهيمنة على المؤسسات. فالطريق الى الوحدة بعد كارثة 4 آب هو إقرار الجميع بحق اللبنانيين بالأمان، وهو حق لن يضمنه سوى مسار ديموقراطي لتداول السلطة تواكبه رعاية دولية للسير قدماً في مشروع الحياد. وُجْهة البوصلة هناك.