IMLebanon

وزراء ينقلبون على دياب… وآخرون محرجون

 

خلاصة يوم أمس كانت كالتالي: حكومة إهتزت ولم تقع فعلياً وإنما معنوياً، رئيس مجلس النواب لم يعد مؤمناً باستمرارها ورئيسها وعيّن جلسة لاستجوابها ما يضعها أمام امتحان يمكن أن تفشل في تجاوزه، بينما “التيار الوطني الحر” يعتبر أن الوقت الراهن للعمل وليس لاستقالة الحكومة الذي يعني تأخير الاصلاح الذي ينتظره المجتمع الدولي ريثما يتم الإتفاق على البديل، وما بينهما يلتزم “حزب الله” الصمت وعينه على ضبط الشارع تاركاً الحكومة لقدرها وقدرة رئيسها على التحمّل.

 

بعد تظاهرة الغضب أول من أمس، احتلت الاستقالات الوزارية والنيابية الأخبار، بالتزامن مع استمرار التأزّم في الشارع، فيما المجتمع الدولي يلملم أشلاء بيروت معلناً تضامنه مع لبنان.

 

ثمة العديد من الأسئلة تطرح في خلفيات المشهد: هل المطلوب الضغط على رئيس الجمهورية وحمله على الاستقالة وتطويق “حزب الله”؟ أي انتخابات مبكرة تجري المطالبة بها وعلى أساس أي قانون، ومن يديرها؟ وهل يمكن حسم إمكان انتخاب بديل للمجلس الحالي في ظل الاوضاع الحالية؟ لكن السؤال الابرز: من يحرّك الشارع وكيف لكل هذا أن يحصل فيما يفترض أن البلد في حال طوارئ تحت إدارة الجيش؟

 

القوى السياسية، بما فيها “الثنائي الشيعي”، لم تكن تملك تقديراً صحيحاً لما حصل خلال اليومين الماضيين في الشارع ومع الحكومة. صدمت مجريات الاحداث التي شهدها الشارع الجميع وكانت قيادة الجيش في مرمى الملامة وعلم ان قيادات عليا ومسؤولين راجعوا قيادة الجيش فكان الجواب أن لا عديد كافياً لديها.

 

بالموازاة عاشت الحكومة أصعب أيامها، أكثر من وزير تأهب لتقديم استقالته ليس تلبية لمطالب المتظاهرين، بل تعبيراً عن استياء من الوضع عموماً ومن الافتراءات التي طاولتهم. ومن لم يكن يفكر بالاستقالة صار أمرها وارداً بالنسبة إليه نتيجة الضغط النفسي والشائعات التي توسعت رقعتها حول نية أكثر من وزير الاستقالة. فتنادى الوزراء الى السراي الحكومي للاجتماع مع رئيس الحكومة. وبعد لقاء استمر ما يزيد على الاربع ساعات خرج وزير الصناعة عماد حب الله ليعلن: “لا استقالة والحكومة صامدة ومستمرون بالعمل”. وما لم يكن متوقعاً أن يُطعن دياب من بيت أبيه ومن أقرب مقربيه ومن الذين سماهم بأسمائهم وأسمائهن عن سبق إصرار. فتقديم وزيرة الاعلام منال عبد الصمد من على أثير الإعلام استقالتها، يعتبره المقربون من دياب، موجهاً بالمقام الأول والأخير ضد رئيس الحكومة بحد ذاته. وهذا ما فعله دميانوس قطار صاحب الاسم الذي ورد في كلّ تشكيلات دياب الحكومية، والوارد دائماً على لوائح شطب المرشحين الى رئاسة الجمهورية ولو على سبيل الذكر.

 

لقد طُعن دياب وشمت به الشامتون من قِبَل من استعار شعارات الثورة ليخرج حاملاً سيف الاستقالة طاعناً به، رئيس حكومة باتت موضوعة أمام باب الاستقالات المتتالية، واتضح ان هولاء أكثر خبرة من رئيسهم الذي اعتقد البعض انه لا يلين. على أن لكل استقالة قصة. فوزيرة الاعلام التي كانت تتحدث الى فريق عملها قبل يومين عن خطط عمل جديدة للوزارة فاجأت باستقالتها الجميع وترجح معلومات مصادر مطلعة ان عبد الصمد استقالت بطلب من رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط وتذهب هذه المصادر حد القول انها سارعت للإستقالة بعدما تلقت وعداً بالترشح في الشوف خلفاً للنائب المستقيل مروان حمادة! أما وزير البيئة دميانوس قطار فقد فشل رئيس الحكومة في إقناعه بالتريث بالاستقالة ريثما تتضح صورة الجلسة الحكومية، إذ كان من المقرر ان يطرح دياب موضوع الانتخابات المبكرة وفي حال رفض الاقتراح فهو سيخرج معلناً استقالته التي يكون قد وجد لها مبرراً.

 

 

 

لكن قطّار الذي قال ان سبب استقالته هو استشهاد رفاق أولاده، زار البطريرك الماروني أمس الأول وتباحثا مطولاً بموضوع الاستقالة التي طالب فيها الراعي في عظته. وقد بدا وكأن قطار وجد مبرراً اضافياً لاستقالته ليخرج من الحكومة من باب البطريركية المارونية. ولأن قطار ليس خارج قرار دياب، ولا بعيداً منه، فقد كان متوقعاً ان تجرّ استقالته استقالة لم تعد بعيدة لرئيس الحكومة الذي يرى أن مبرراته للإستقالة نضجت بعد وضع العصي في دواليب حكومته. وفيما كان يفكر بطرح الانتخابات المبكرة على جدول اعمال جلسة اليوم، يتوقع ان يتم تمييع مثل هذا الطرح داخل الجلسة. وليس رئيس الحكومة من اعطى نفسه مهلة الشهرين بل القوى السياسية وضعته تحت أمر واقع يقوم على تنفيذ سلة إصلاحات حتى نهاية الشهر والإ فإن تغيير الحكومة حتمي لا محالة.

 

نيابياً وبعيداً من “الاستقالات بالمفرق” وغالبيتهم من الموارنة، كان بري يتريث في الدعوة الى جلسة نيابية لمساءلة الحكومة في محاولة لتجنبها هذه الكأس التي قد تطيح بها، لكنه لم يجد مفراً من الدعوة الى جلسات مفتوحة ابتداءً من الخميس خصوصاً وان البلد دخل في حال طوارئ منذ اسبوع ولا بد للمجلس ان يفتح أبوابه. ويتخوّف من ان تطيح الجلسة بالحكومة ورئيسها الذي لم يعد وجوده يريح رئيس مجلس النواب نتيجة التأزم الحاصل. بري الذي جهد على خط تطويق أزمة الحكومة بالتنسيق مع الافرقاء تلقى اتصالاً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبحث امكانية القيام بخطوات معينة على خط معالجة الأزمة.