تراجع «الثنائي» وباسيل عن التزامهما تسهيل مهمة دياب يطيح بـ «الاختصاصيين المستقلين»
جاء اغتيال قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، ليعيد إمساك «الثنائي الشيعي» ومعه الوزير جبران باسيل أكثر فأكثر بالملف الحكومي، لجهة التشدد بالنسبة إلى شكل الحكومة العتيدة، حيث لم يعد يتقبل هذا الفريق السير بحكومة اختصاصيين مستقلين، بعد التطورات الأخيرة التي فرضت نفسها، عقب اغتيال سليماني. وهو ما دفع إلى إبلاغ الرئيس المكلف حسان دياب بأن معايير تشكيل الحكومة، باتت مختلفة عن ظروف ما قبل الاغتيال. وبالتالي فإن «الثنائي الشيعي» لن يقبل إلا بحكومة تكنوسياسية، لمواكبة تداعيات المرحلة المقبلة التي فرضت نفسها على لبنان والمنطقة. بينما اتخذ الوزير باسيل من اغتيال سليماني ذريعة، لفرض شروط جديدة على الرئيس المكلف، بحجة أنه هو المخول وليس دياب تسمية الوزراء المسيحيين، وتحديداً الموارنة في التشكيلة العتيدة، كونه يرفض توزير شخصيات مستقلة، وإنما يريد أسماء لا تشكل له تحدياً في معركته الرئاسية المقبلة، وتلتزم بتوجهاته السياسية والاقتصادية.
وأشارت المعلومات لـ«اللواء»، أن تجاهل الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الموضوع الحكومي كلياً في خطابه الأخير بعد اغتيال سليماني، يشير بوضوح إلى أن هذا الموضوع لم يعد أولوية لدى «حزب الله» المنشغل في تداعيات مرحلة ما بعد الاغتيال، أي أن الحزب ليس في وارد تقديم تنازلات لتسهيل الولادة الحكومية، وهو ما فسره البعض بأنه تراجع عن كل ما قدمه لدفع عملية التأليف قدماً.
وهذا ما لمسه الرئيس المكلف في الساعات الماضية، حيث لفتت المعلومات إلى أن دياب غير مرتاح لمسار الأمور التي بدأت تتعقد، قياساً على ما كانت عليه قبل الثاني من الجاري، بعد العودة إلى تشكيلة تكنوسياسية، وهو الأمر الذي تم تجاوزه في المفاوضات السابقة، بحيث أن الأمور كانت قريبة من إعلان الحكومة، وفق التصور الذي وضعه الرئيس المكلف.
وكشفت المعلومات أن المستجدات المتصلة بعملية التأليف، كانت محور الاجتماع الذي جمع رئيس الجمهورية ميشال عون، أمس، بالرئيس المكلف الذي عرض للعقبات المستجدة أمام ولادة حكومته التي كان يأملها هذا الأسبوع، بحيث أنه وضع أمام عون مجموعة من الأفكار التي تساعد على إعطاء دفع قوي للاسراع في تأليف الحكومة، لكنه في الوقت نفسه رفض التنازل عن حقه في تسمية الوزراء الذين سبق وتم التوافق على أن يكونوا في عداد حكومته. وتحديداً بالنسبة للوزيرين السابقين دميانوس قطار وزياد بارود اللذين ما زالا يواجهان معارضة شديدة من قبل الوزير باسيل، المصر على استبعادهما لاعتبارات رئاسية، أو أنه قد يقبل بتوزيرهما على مضض، لكن دون تسلمهما حقائب وازنة، وهو ما يرفضه دياب.
وأكدت أوساط نيابية لـ«اللواء» أن كل ما سبق والتزم به «الثنائي الشيعي» و«التيار الوطني الحر»، قد تم التراجع عنه، وهذا بالتأكيد ما سيصعب مهمة الرئيس المكلف ويجعله عاجزاً عن الإيفاء بالتعهدات التي قطعها بتأليف حكومة اختصاصيين مستقلين، خاصة وأنه لم يتسلم من «حزب الله» حركة «أمل» أياً من أسماء المرشحين من قبلهما للتوزير حتى الآن، ما عد بأنه سحب للموافقة على حكومة اختصاصيين مستقلين، لا بل إن هناك من بدأ يروج داخل هذا الفريق بالعودة إلى حكومة سياسية يكون بإمكانها مواجهة المرحلة التي استجدت، في أعقاب اغتيال سليماني، ما يشكل انقلاباً على ما وعد به الرئيس المكلف الذي بات في وضع لا يحسد عليه، نتيجة المستجدات التي باتت تستوجب منه قراراً حاسماً لكي يبني على الشيء مقتضاه.
والسؤال الذي يطرح: هل يقدم الرئيس المكلف على الاعتذار إذا وجد أن الطريق مسدود أمامه، لتشكيل الحكومة التي وعد اللبنانيين بها؟
إذا كان من السابق لأوانه الإجابة عن هذا السؤال، إلا أن عودة الحديث عن حكومة سياسية، قد لا توفر الفرصة لدياب لتحقيق ما وعد به، وهو أمر سيجعله في مواجهة ليست سهلة مع القوى السياسية المعارضة من جهة، ومع الشارع من جهة أخرى، وبالتالي فإن الخيارات تبدو ضيقة للغاية أمامه إذا ما رضخ لشروط الذين دعموه بتسميته رئيساً مكلفاً.