IMLebanon

حركة دياب لكسر الجليد… واللقاء الـ15 “على محك” المشاورات المكتومة

 

تواظب القوى اللبنانية على نزع ورقة الترابط بين مصير الحكومة اللبنانية التي يُنتظر من الرئيس سعد الحريري تأليفها، وبين هوية سيّد البيت الأبيض. لكن المؤشرات تؤكد أنّ هناك من يترقّب هذه الخطوة ليُبنى على الشيء مقتضاه. والمقصود هنا، هو رئيس الحكومة المكلّف. حتى المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش كاد يقولها بشكل واضح، حيث غرّد متسائلاً: “هل ستحرّك الإدارة الجديدة في واشنطن الأطراف أخيراً لتشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري؟”.

 

قبل ساعات من تسلّم جو بايدن مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأميركية، كان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، وفي خطوة غير مسبوقة، يلتقي كلّاً من رئيس الجمهورية ميشال عون، رئيس الحكومة المكلّف ورئيس مجلس النواب نبيه بري، في محاولة منه لكسر الجليد المتراكم على طريق بعبدا – بيت الوسط بعد الفيديو المسرّب على لسان رئيس الجمهورية، وكان دياب شاهده الحيّ.

 

ومع ذلك، يرى المطلعون على حركة دياب، أنّ عمرها أكثر من عشرة أيام حين قرر رئيس حكومة تصريف الأعمال شحن محركاته للقاء المعنيين بملف التأليف، وهو الذي يدري أكثر من غيره مدى عمق الأزمة المالية والاقتصادية الحاصلة، ويستعجل تأليف حكومة ليُنزل الحمل من على كتفيه بعدما تجاوز كل قدرة على التحمّل، خصوصاً بعد تقطّع الجسور بين رئاسة الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف بشكل ينذر بمزيد من الانهيارات، فيما الحكومة المستقيلة مكبّلة بمقتضيات الدستور التي تحول دون عقد جلسات لمجلس الوزراء أو اتخاذ قرارات تخرج عن إطار تصريف الأعمال ولو أن الأوضاع استثنائية جداً.

 

ويقول هؤلاء إنّ دياب تواصل مع الرؤساء الثلاثة قبل أكثر من عشرة أيام لجسّ نبضهم إزاء الحراك الذي ينوي قيادته، حيث كان للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم دور مساعد من خلال تحضير الأرضية للجولة، وقد رحّب الثلاثة بالمبدأ وبجدول أعمال المسعى الذي كان الجميع على دراية بمضمونه وظروفه.

 

ويشير هؤلاء إلى أنّ اللقاءات الثلاثة اتسمت بالايجابية وبالرغبة في فتح كوّة في الجدار المقفل للإسراع في المشاورات الحكومية، مؤكدين أن محاولة دياب لا تخرج عن إطار السعي إلى إعادة تفعيل الممرات الجانبية والمباشرة بين الرئاستين الأولى والثالثة، بعد انقطاع لأكثر من أسبوعين ولذا نأى رئيس حكومة تصريف الأعمال بنفسه عن تفاصيل العقد العالقة بين الرؤساء الثلاثة وتحديداً بين عون والحريري، واكتفى بعرض مبدأ تشريع أبواب الحوار من جديد والدفع باتجاه البناء على الايجابيات التي تحققت في الجولات الـ14 وتذليل العقبات التي لا تزال قائمة.

 

ويؤكدون أنّ الرؤساء الثلاثة أبدوا تعاونهم ورغبتهم في تشغيل محركات التأليف المتوقفة منذ مدّة، والتي تحتاج إلى جهود استثنائية وظروف مناسبة، يبدو أنّها لم تتوفر بعد.

 

وفق المتابعين، فإنّ جولة دياب لم تستهدف البحث في عمق الأزمة الحكومية، ولكن مجرد تحريك المياه الراكدة، ولو أنّه مستعد للقيام بمزيد من الاتصالات واللقاءات اذا اقتضى الأمر ودعت الحاجة، خصوصاً وأنّ هناك أكثر من طرف، وأبرزهم اللواء ابراهيم، سيعملون على تدوير زوايا الخلافات بين عون والحريري، في محاولة جديدة للتوصل إلى تفاهم يُخرج الحكومة من نفقها.

 

مبدئياً، يفترض أن تكون الخطوة التالية، مبادرة قصر بعبدا إلى تحديد موعد لرئيس الحكومة المكلف، كما ينتظر الأخير، لمعاودة النقاش في المسودة الأخيرة التي وضعها الحريري أمام رئيس الجمهورية. لكن في أجواء العونيين، لا مؤشرات واضحة على تقدّم جدّي في ملف التأليف. وفق هؤلاء يفترض أن يكون الموعد الـ15 تتويجاً لتطوّر المحادثات بين بعبدا وبيت الوسط، وليس منطلقاً جديداً للنقاش لكي لا ينضم الاجتماع إلى ما سبقه من اجتماعات انتهت إلى بيانات لا أكثر. ما يعني أنّه من المستبعد أن يحصل تواصل مباشر بين بعبدا وبيت الوسط اذا لم يتحقق أي تطور جدي في مشاورات التأليف.

 

وفق هؤلاء، حتى اللحظة لم تنضج بعد هذه الظروف ولم تشهد الاتصالات العابرة لاصطفافات التأليف، أي تقدّم نوعي من شأنه أن يدفع باتجاه رؤية عون والحريري في جلسة مباشرة، مع العلم أنّ العونيين يستطردون للإشارة إلى أنّ التطور القضائي الحاصل في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، احتل جانباً من الحركة السياسية الحديثة في ضوء السيناريوات المحتملة، خصوصاً وأنّ دخول السلطات السويسرية على الخط يتسم بالكثير من الأهمية والرمزية، على اعتبار أنّ هذه السلطات تميل عادة إلى حماية الحسابات المصرفية الموضوعة في مصارفها، وبالتالي فإنّ اتخاذ قضائها صفة الادعاء يعني أنّ ثمة مجهوداً كبيراً قامت به السلطات الأوروبية وهو الذي دفع إلى فتح هذا الملف من بابه العريض.