IMLebanon

دياب: إحياء الحكومة بـ»فتوى» من مجلس النواب

 

 

بعد 7 أشهر على استقالة حكومة الرئيس حسان دياب وعدم تأليف حكومة جديدة، في وقتٍ تخطّى سعر الدولار الـ15 ألف ليرة في السوق السوداء، مع التداعيات الدراماتيكية لهذا الانهيار في قيمة الليرة على معيشة اللبناني، ترتفع الأصوات مطالبةًّ بتفعيل حكومة تصريف الأعمال، متهمةًّ دياب بالتخلّي عن مسؤولياته، فيما أنّ دياب متمسّك بعدم إحياء الحكومة، بل ذهب الى أبعد من ذلك ملوّحاً بالإعتكاف في السادس من الشهر الجاري في حال لم تؤلّف الحكومة. 10 أيام مرّت على هذا «التهديد»، ولم تؤلّف الحكومة والأوضاع آخذة في التدهور بنحوٍ «لا يبشر خيراً»، تماماً مثلما قال رئيس حكومة تصريف الأعمال.

مطالبو حكومة تصريف الأعمال بالقيام بدورٍ أكبر كُثر، ومن الجهات السياسية كافة، ومنها من أتت بدياب رئيساً للحكومة. إلّا أنّ الهجوم المباشر والأبرز على رئيس حكومة تصريف الأعمال يأتي من رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، الذي وصف دياب أخيراً بـ»العبثي»، ورأى أنّ «حكومة دياب، بحسب الدستور، مجبرة أن تحكم. لكنّه معتكف، وهذا مخالف للدستور». بدوره، رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية»، أنّ «المفهوم الذي يسير به دياب خاطئ»، معتبراً أنّ «حكومة تصريف الاعمال تخلّت عن مسؤولياتها، ولو كان هناك قضاء فعليّ في لبنان لتقدّمت بدعوى ضدّ الحكومة بتهمة التقصير».

 

وفي حين أنّ الظروف المتردية على أكثر من صعيد تتطلّب تفعيل عمل الحكومة، يكتفي وزراء حكومة تصريف الأعمال بتلاوة «أوراق النعوة» على مسامع المواطنين. فوزير الداخلية والبلديات نعى الأمن، ووزير الطاقة نعى الكهرباء، ووزيرا المال والاقتصاد نعيا قدرتهما على وقف اللعب بسعر الصرف وضبط أسعار السلع. لكن على رغم خطورة هذا الوضع، ما زال دياب متمسكاً بعدم إحياء حكومة تصريف الأعمال أو الدعوة الى اجتماع مجلس الوزراء. وهذا بالنسبة الى بعض الجهات السياسية، مردّه الى «تخلّي دياب عن مسؤولياته ورفضه حمل كرة النار، في وقتٍ لن تتمكن حكومته من فعل أي شيء، فهي قبل استقالتها ومع صلاحيات كاملة لم تفلح في القيام بأي شيء، إلّا بإعلان إفلاس الدولة».

 

في المقابل، تقول مصادر السرايا الحكومية، إنّ «تفعيل الحكومة المستقيلة مخالف للدستور، والرئيس دياب لن يخالف الدستور». وتشير الى أنّ «رئيس حكومة تصريف الأعمال لا يُمكنه أن يقرّر بمفرده تفعيل الحكومة، فهناك كرامة مجلس النواب، كذلك هناك استشارات نيابية ملزمة حصلت، وهناك رئيس مكلّف تأليف حكومة جديدة ومشروع تأليف». وتردّ مصادر السرايا على من يطالبون بتفعيل الحكومة، وتقول: «فليأتوا لنا بفتوى من مجلس النواب، الذي هو صاحب الحق الوحيد بتفسير الدستور، وهو يقول إنّ إعادة إحياء الحكومة غير دستوري، وبالتالي إذا بات لديه رأياً مخالفاً، ليجلبوا فتوى من مجلس النواب، فحين يفتي المجلس بأنّ تفعيل الحكومة غير مخالف للدستور نتجّه عندئذٍ الى تفعيلها».

 

أمّا بالنسبة الى تلويح دياب بالإعتكاف، وبمعزل عن الآراء الدستورية حول صحته، فاعتبر البعض أنّه «قائم أساساً»، أو أنّه «أتى في لحظة معيّنة لتسجيل نقاط وإضعاف معنيين بالتأليف»، فيما تؤكّد مصادر السرايا أنّ تلويح دياب بالإعتكاف «غير مُوجّه لجهة محدّدة في البلد، بل هو للضغط للإسراع في تأليف الحكومة. هذا هو بُعد المسألة، وليس المطلوب توظيفها ضدّ أحد أو لصالح أحد، بل هي موظفة في مصلحة تأليف الحكومة سريعاً». كذلك لدى رئيس حكومة تصريف الأعمال تصوُّر، بأنّ «الأفرقاء سيؤلّفون حكومة عاجلاً أم آجلاً، إن بعد أسبوع، أو بعد أشهر، لكن في الحالات كلّها وفي الأخير سيجلسون معاً ويؤلفون حكومة، وبالتالي لنختصر الوقت والمعاناة، فوضع البلد لا يتحمّل ترف تضييع الوقت لتأليف حكومة».

 

بالموازاة، يتخوّف اللبنانيون من إقتراب رفع الدعم عن المواد الأساسية، في وقتٍ يرتفع سعر الدولار بنحوٍ جنوني، ما يؤدّي الى هستيريا في أسعار السلع الإستهلاكية ويهدّد لقمة العيش. وفي حين يترقّب كثيرون رفع الدفع كلياً عن سلع مدعومة وتدريجياً عن سلع أخرى، مع استنزاف إحتياطي مصرف لبنان، تؤكّد مصادر السرايا، أنّ «موقفنا واضح وصريح ولا يحتمل أي لبس، لا يمكن رفع الدعم على يدي الرئيس دياب، قبل إقرار البطاقة التمويلية، فلا يمكننا أن نأخذ من الناس قبل أن نعطيهم». وتشير الى تقديم الحكومة 4 سيناريوهات لترشيد الدعم، مؤكّدةً «ألّا نية برفع الدعم عن الدواء والطحين، وأنّ رفع الدعم سيكون تدريجياً عن بقية المواد، لكن ليس قبل إقرار البطاقة التمويلية».

 

وترفض ما يُقال عن أنّ الحكومة لا تقوم بواجباتها، معدّدةً قراراتها وإجراءات اتخذها دياب في إطار معالجته لأكثر من ملف، فضلاً عن العمل على تأمين البطاقة التمويلية والمساعدات للناس. وفي المحصّلة، يرى دياب أنّ «أي حكومة أفضل من واقع تصريف الأعمال القائم حالياً». وتقول مصادر السرايا، إنّ «الوضع المالي لن يسلك المسار الصحيح قبل أن تؤلف حكومة تنجز الإصلاحات وتتفاوض مع صندوق النقد على أساس هذه الإصلاحات، ويبدأ النقاش التفصيلي للوضع المالي في البلد»، مشيرةً الى أنّ سبق لحكومة تصريف الأعمال أن أقرّت خطة التعافي المالي، وكشفت فيها عن الأرقام كلّها والفجوات المالية الهائلة وهي واضحة». وتشير الى أنّ «المعادلة واضحة، وهي: لا حلّ للأزمة الاجتماعية بلا حلّ للأزمة المالية، ولا حلّ للأزمة المالية من دون مفاوضات مع صندوق النقد، ولا مفاوضات مع صندوق النقد من دون إصلاحات، ولا إصلاحات بلا حكومة. وبالتالي كلّ المسألة تبدأ من تأليف حومة جديدة».

 

وفيما يبدو أنّ التأليف لن يُنجز قريباً، ومرّت 10 أيام على تلويح دياب بالإعتكاف، فهل «ينفّذ تهديده» أم يبقى «تهويلاً»؟ تجيب مصادر السرايا: «أطلبوا الخير تجدوه، نبني على الإيجابيات وليس السلبيات، فالواقع لا يتحمّل عدم تأليف حكومة». وفي هذا الإطار، يُجري دياب لقاءات واتصالات على خط التأليف، وسبق أن قام بجولة على كلّ من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلّف تأليف الحكومة سعد الحريري، وطرح ضرورة اجتماع عون والحريري، فـ»من غير المنطقي أن تحصل المفاوضات عن بُعد بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف». وتؤكّد مصادر السرايا أنّ دياب «يبذل جهداً لدفع عون والحريري الى الإجتماع لكي يتفاهما ويدوّرا الزوايا، فالمُعلن عن العراقيل أمام التأليف بات صغيراً، وضاقت المسافة وبتنا أمام أمتار قليلة من التأليف، وبالتالي لماذا الجفاء بينهما، فليجلسا معاً ويتفاهما ويؤلفا».