Site icon IMLebanon

دياب “الكرتوني” يُقلّد “النمر” الشمعوني… آخر تجلّيات “الأنا”

 

 

تستمرّ المنظومة الحاكمة بإغراق البلاد أكثر فأكثر في الفوضى والذلّ وضرب علاقات لبنان بالمجتمع العربي والدولي، غير آبهة بحجم الأضرار التي تنتج عن سياستها الخاطئة.

 

لا شكّ أن الشعب اللبناني يعيش عاصفة هوجاء تضرب كل شيء، لكن عندما تهبّ العاصفة يحاول الجميع حماية رأسه منها، وبعدما تهدأ يخرج السكّان لتفقّد الأضرار، وعندها ينفضح حجم الضرر والكارثة. ويُشبه وضع لبنان تماماً مسارَ العاصفة الطبيعية، واليوم تلك العاصفة في عزّها، وعندما تهدأ الأمور سيستفيق الشعب اللبناني على الدمار الذي بدأ بمرفأ بيروت ذي الصيت العالمي، لينتقل إلى القطاع التربوي المنهك، وإلى المستشفيات التي تلفظ أنفاسها الأخيرة، والمصارف التي قد تتحوّل إلى متاحف بعدما ضُربت الثقة بها إضافةً إلى قطاعات تتهاوى ودولة من دون مؤسسات.

 

ومن جهة ثانية، يواصل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب السياسة نفسها، متسلّحاً بـ”الأنا” العالية التي يملكها ويدفع لبنان أثمانها الغالية، وليس جديداً على دياب مخاطبة المجتمع الدولي من عليائه، فقبل انفجار مرفأ بيروت بأيام زار وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بيروت والتقى دياب وطالب الطبقة الحاكمة بالإصلاحات، لكن دياب “وبّخ” الضيف الفرنسي معتبراً أنه لا يرى بشكل واضح الإنجازات التي حققتها حكومته والتي وصلت إلى حدّ 97 في المئة.

 

بالأمس، عاد دياب إلى ممارسة هوايته المفضلة جامعاً كل السفراء الأجانب و”وبّخهم” وحمّلهم مسؤولية الإنهيار الذي سيتردّد صدى تداعياته خارج جغرافيا لبنان، مؤكداً أن استمرار الحصار سيدفع لتغيير التوجهات التاريخية لهذا البلد.

 

وبعيداً عن مناقشة كل هفوات دياب وأخطائه، ففي القراءة السياسية لما حصل فإن رئيس حكومة تصريف الأعمال حاول ابتزاز المجتمع الدولي تحت عنوان “إما أن تساعدونا أو سنصدّر الفوضى إلى بلادكم”. أما النقطة الثانية والأهم فهي تغيير التوجهات التاريخية للبنان، وهذه النقطة تلتقي مع دعوات الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إلى التوجّه شرقاً وحصر علاقات لبنان مع محور “الممانعة”.

 

ويدرك دياب جيداً أن هذا الخيار غير وارد لأسباب عدّة أبرزها أن التوجّه نحو محور “الممانعة” سيعرّض لبنان لعقوبات صارمة، ومثل هكذا قرار كبير يحتاج إلى إجماع داخلي غير متوافر، وكذلك فإن هذا المحور مأزوم ويحتاج إلى مساعدة. ويبقى الأساس أن دياب حاول تقليد أسلوب الرئيس كميل نمر شمعون عندما كان رئيساً للجمهورية، حينها إجتمع شمعون مع السفير الأميركي طالباً منه شراء تفاح لبنان والمعاملة بالمثل بين لبنان وأميركا لأن لبنان يستورد الكثير من واشنطن، وعندما رفض السفير الأميركي هذا الأمر، طلب شمعون من مستشاره الإتصال بالسفير السوفياتي للبحث في موضوع تصدير التفاح اللبناني، حينها تراجع الأميركي وقال للرئيس اللبناني سنشتري تفاحكم.

 

لكن ما أبعد اليوم عن الأمس، ففي ذلك الوقت كان الرئيس شمعون لاعباً دولياً بامتياز يخطّط للمنطقة والعالم، وصديق أهم ملوك ورؤساء العرب والعالم، ويرسم الأحلاف الدولية ومنها “حلف بغداد” ويتمتّع بمصداقية دولية، وحوّل لبنان إلى واحة فكر وثقافة وحضارة ومال وأعمال، وكان لبنان يُديّن بلداناً نامية بالليرة اللبنانية، وكانت كلمة شمعون مسموعة دولياً ولا أحد من الملوك والرؤساء يجرؤ على إغضابه، فقد كان شخصية ذات ثقة عالمية.

 

أما اليوم فالوضع مختلف كلياً، ولا يرضى أحد أن يشبّه أسلوب “النمر الشمعوني” بـ”دياب الكرتوني” صاحب الإنجازات على الورق والعاجز إلى أقصى درجات العجز، حتى ولو حاول إستخدام نفس أسلوب “النمر العتيق” وهدّد أوروبا والمجتمع الدولي بالفوضى، فالحكم اللبناني المتمثل بعهد الرئيس ميشال عون ودياب وحكومته المستقيلة والأكثرية الحاكمة بزعامة “حزب الله” مطوّق دولياً ويعيش في عزلة قلّ نظيرها، وقد أوصلت هذه السلطة المتسلّطة البلاد إلى قطيعة مع العالمَين العربي والغربي، ولا أحد يسأل عنها بل يحمّلها الجميع مسؤولية الإنهيار، والعالم كله يريد تحرير الشعب اللبناني من قبضتها، كما أن البلاد مُفلسة وهذه السلطة إياها غير قادرة على إبتزاز المجتمع الدولي، بل إنها تعيش على “فتات” المساعدات التي لا تزال تمنح بعض الاوكسيجين للشعب، وبالتالي فإن هذا الأسلوب فاشل في هذا الوضع وهذه المرحلة، والآتي أسوأ. وهناك إجماع على أن الإستمرار بهذه السياسة سيدفع إلى المزيد من الفوضى والإفلاس وفقدان الثقة الدولية. من هنا، فإن المجتمع الدولي يُحمّل هذه السلطة مسؤولية الفساد والخراب، ولكن يتحتّم عليه أن يدعم الشعب اللبناني في معركته لإسقاطها لا أن يكتفي بالكلام والإنتقاد.