بعدَ ثلاثة أسابيع مِن اليوم، سيكون رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أمام خيارين: إما أن يحضَر جلسة الاستجواب التي حدّدها المحقّق العدلي في قضية انفجار المرفأ القاضي طارق بيطار (20 أيلول) أو إصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه. أما الطلب إلى الأجهزة المعنية (الضابطة العدلية) إحضاره قبلَ 48 ساعة من يوم الجلسة، فليس سوى «مزحة» يُدرك بيطار نفسه استحالة تحققها. ففي غمرة مرحلة شديدة «الطائفية»، لا بل مفرطة في طائفيتها، تبدو طلبات بيطار أشبه بضرب من الخيال لا تفسّر سوى بأنها تلبية «لما يطلبه الجمهور» لا تعزيزاً لمسار الحقيقة.
يستسهل بيطار الانتقائية في ادعاءاته ويُصِرّ عليها، ويلصق المسؤولية المباشرة في المعرفة والصلاحية والمتابعة بمن هُم في الصف الثاني، ولو أنهم جميعهم في ارتكاب جريمة الإهمال سواسية. لذا لا يُمكن اعتبار مبادرته الى إصدار مذكرة إحضار سوى افتعال ضوضاء شعبية حول خطواته، باعتبارها تجرؤاً على قوى السلطة، رغم إبقاء الستار مسدولاً على مسؤولية جهات أخرى.
لم تحقق خطوة المحقق العدلي هذه إلا أمراً واحداً. وهو أنه استنفر مجدداً السلطة السياسية في وجهه. فبعدَ ردّ من رؤساء الحكومات السابقين والمجلس النيابي، ودار الفتوى، وإعلان النفير السني ضد «استضعاف دياب»، يجري العمل على خط مشترك بينَ السياسة والقضاء من أجل تقرير الخطوة التي على دياب أن يقوم بها. الأكيد أن رئيس حكومة تصريف الأعمال لن يحضر جلسة الاستجواب، بحسب ما تقول مصادره، وحتماً لن «يكون هناك جهاز أمني أو قضائي سيقدر على تنفيذ مهمة توقيفه أمام السقف السياسي الذي رُفِع قي وجه بيطار». غيرَ أن رئيس حكومة تصريف الأعمال، وفقَ ما يبدو من المعطيات، لن يكتفي بالحصانة الطائفية، التي لم تكُن لتتوافر له، لولا بيطار، علماً بأن «السور» الذي زُنّر به دياب ليسَ سوى خط دفاع أولي عن الآخرين، الذين إن أفلتوا من ملف مرفأ بيروت، فهم يعلمون أن هناك ملفات أخرى في انتظارهم، كما هي الحال مع الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي.
وبجسب المعلومات، فإن اتصالات تحصل على أعلى مستوى، ولا يزال هناك إصرار وتأكيد على أن «الدستور واضح بشأن تحديد الجهة التي تملك صلاحية المحاسبة والتحقيق»، فيما يرفض من يستشيرهم دياب إرسال رد للمحقق العدلي لأن ذلك يشكل اعترافاً بصلاحية ما لبيطار.
وعلمت «الأخبار» أن أحد الخيارات المطروحة التي يُعمَل عليها أن تقوم النيابة العامة التمييزية بردّ مذكرة الإحضار الذي أصدرها بيطار، على اعتبار أن دياب لا يزال في موقع الحكم والمسؤولية، ولديه امتياز في هذا الشأن.
في هذا الإطار، قالت مصادر قريبة من دياب إن «المشكلة ليست في استدعاء رئيس الحكومة، بل في الخلل الدستوري الذي كرّسته تعديلات الطائف»، متسائلة: «لماذا يحظى رئيس الجمهورية بالحصانة، بينما ليست موجودة لدى رئيس الحكومة، علماً بأن الأخير ليسَ وزيراً أول، بل هو معيّن من قِبل مجلس النواب عبر استشارات نيابية ملزمة، كما أن رئيس الجمهورية منتحب من مجلس النواب نفسه، فلمَ يحظى أحدهما بالحصانة، وتُمنَع عن الآخر؟». ورأت المصادر أن «كل الخطوات الدستورية تُعَدّ مجرّد هوامش على سكّة السياسة التي تتحكم في الملف. فحتى لو لم يتحرك دياب أو فريقه القانوني لردّ المذكرة، فلن يستطيع القاضي القيام بأي شيء سوى إصدار قرارات تبقى مع وقف التنفيذ».