حَسَمت الهيئة العامّة لمحكمة التمييز الجدل القائم حول المرجع الصالح لردّ المحقّق العدلي، معتبرةً أنّ الغرفة الأولى في محكمة التمييز برئاسة القاضي ناجي عيد هي المرجعيّة الوحيدة الصالحة لتقديم دعاوى الردّ ضدّ المحقّق العدلي طارق البيطار، ما يعني أنّ طلب ردّ البيطار العالق أمام رئيس الغرفة 12 في محكمة الاستئناف القاضي نسيب إيليا بعد سحبه من يد القاضي حبيب مزهر سيُحوَّل تلقائيّاً إلى الغرفة الأولى في محكمة التمييز لبتّه، قبل أن يستأنف القاضي البيطار تحقيقاته في قضية المرفأ، وذلك على خلاف رأي النيابة العامّة التمييزية التي طلبت في التاسع من الجاري من الهيئة العليا لمحكمة التمييز “اعتبار أنّ المحقّق العدلي خاضع لأحكام الردّ والتنحّي الخاصّة بالقضاة، وتحديد المجلس العدلي مرجعاً مختصّاً للنظر في طلب ردّ المحقّق العدلي أو تنحّيه”.
كذلك، ردّت الهيئة العامّة لمحكمة التمييز في الشكل طلبات مخاصمة الدولة المقدّمة من الرئيس حسان دياب والنائب نهاد المشنوق عن “أخطاء جسيمة” ارتكبها المحقّق العدلي طارق البيطار عبر تجاوزه صلاحيّاته وخرق الدستور. وردّت في الشكل أيضاً وبالإجماع دعاوى مخاصمة القضاة المقدّمة من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر ضدّ القاضيَيْن جانيت حنّا وناجي عيد الذي بات المرجع الوحيد المخوّل بتّ طلبات ردّ البيطار.
وفيما ردّت محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضية رندة كفوري طلب الوزير السابق يوسف فنيانوس نقل الدعوى من يد البيطار للارتياب المشروع، قبلت طلب ردّ المحامي العام التمييزي القاضي غسان خوري المقدّم من نقابة المحامين، ولذلك سيُكَفّ الأخير عن النظر في قضية المرفأ بسبب الارتياب المشروع، وسيبقى الملفّ في عهدة المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان.
ويتبيّن في قرار الهيئة العامة لدى محكمة التمييز في الدعوى المقدّمة من دياب، أنّ “مداعاة الدولة بشأن المسؤولية الناجمة عن أعمال القضاة العدليين- سواء كانوا ممن يتولون الحكم أو التحقيق أو النيابة العامة – المسندة إلى الخطأ الجسيم والتي نصّ عليها البند الرابع من المادة 741 أ.م.م.، هي طريقة طعن استثنائي، يُلجأ إليه عند استنفاد الخصوم لسائر طرق الطعن المنصوص عليها قانوناً، وحيث أنه بالتالي، فإنّ مداعاة الدولة، تنحصر في الأحكام أو القرارات القضائية التي تحوز على الصفة المبرمة، وفي الإجراءات التي يصحّ الطعن فيها واستنفدت تجاهها وسائل المراجعة المتاحة قانوناً،
وحيث أنّ المدّعي لم يرفق مع استحضاره صورة عن القرار المشكو منه الذي أصدره المحقق العدلي بحقّه، كما لم يتبيّن رقمه وتاريخه وفق ما توجبه أحكام المادة 745 أ.م.م. معطوفة على المادتين 738 و718 من القانون عينه، مكتفياً بإبراز صورة عن ورقة الدعوة التي وجّهت إليه للحضور أمام المحقق العدلي، مع ما لهذا الأمر من مفاعيل لناحية مدى امكانية قبول طعنه شكلاً، هذا من جهة أولى،
وحيث أنّه من جهة ثانية، وبمعزل عما اذا كان القرار المشكو منه، من حيث طبيعته، يقبل الطعن عن طريق مداعاة الدولة لمسؤوليتها عن أعمال القضاة العدليين المبنية على الخطأ الجسيم، فإنّه يتبيّن مما عرضه المدعي في الاستحضار، وفي ضوء الأسباب التي يُسند إليها دعواه والمتعلّقة بانتفاء صلاحية المحقق العدلي، سواء أكان بالاستناد إلى أحكام الدستور (المادتان 70 و71 منه)، أو بالاستناد إلى أحكام المادة 356 أ.م.ج، أنه حتى تاريخه، لم يستنفد ما أتيح له من وسائل قانونية تجاه القرار المشكو منه قبل سلوك المراجعة الراهنة”.
اللافت، هو ما ورد في السطر الأخير من الردّ حيث اعتبرت الهيئة العامة لدى محكمة التمييز أنّ المدّعي “لم يستنفد ما أتيح له من وسائل قانونية تجاه القرار المشكو منه قبل سلوك المراجعة الراهنة”، وهذا ما يعني وفق مصادر قانونية أنّ:
– الهيئة العامة رفضت الدعوى بالشكل، ولم تنظر فيها بالمضمون، وبالتالي يمكن في مراحل لاحقة التقدم من جديد بدعوى مخاصمة بعد “استنفاد” الوسائل القانونية.
– ستكون الخطوة المقبلة المتاحة أمام فريق الدفاع عن رئيس الحكومة السابق، في حال تعيين جلسة استماع جديدة له أمام المحقق العدلي، التقدم بدفوع شكلية. وفي حال رفضها من جانب المحقق، سيكون باستطاعته العودة من جديد إلى دعوى المخاصمة.