لا تزال عملية تشكيل الحكومة مداً وجزراً في أكثر من اتجاه نظراً لصعوبة الأوضاع وتفاقم الخلافات السياسية، كذلك ما جرى في العراق وتحديداً اغتيال قائد فيلق القدس اللواء قاسم السليماني أثّر بشكل مباشر على عملية التأليف وعلى الوضع اللبناني بشكل عام، من هنا تغيرت المسألة وباتت هناك صعوبة للثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر للقبول بحكومة تكنوقراط. وعلى هذا الأساس فإن تشكيلة الرئيس المكلف حسان دياب والتي باتت في حوزته من 18 وزيراً انما هي جاهزة ولكنها لن تبصر النور امام المستجدات التي حصلت في الآونة الأخيرة.
وتشير المعلومات الى أن طروحات حزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر تصب في اتجاه ان تكون حكومة سياسية مطعمة بتكنوقراط، ولهذا السبب فإن مسألة ولادتها ستحتاج الى وقت طويل الا في حال حصول مفاجئة وتوافق بين المعنيين من اجل تأليفها.
وعلم أن هناك تناغماً بين «الثنائي» الشيعي و«التيار الوطني» لتكون حكومة سياسية نظراً لدقة الوضع الداخلي والإقليمي وخصوصاً الحقائب السيادية التي تحتاج شخصيات سياسية قادرة على مواجهة الصعوبات الناجمة عن التطورات الميدانية والسياسية في المنطقة بعد مقتل سليماني، إذ يعتبر هذا الفريق انه ليس بإستطاعة وزراء اخصائيين القيام بدورهم، خصوصاً وأن ذلك يحتاج الى تغطية سياسية وخبرة في مثل هذه الظروف الصعبة.
في غضون ذلك، تتجه الأنظار خلال الساعات المقبلة الى ما يمكن ان يقدم عليه الرئيس المكلف حسان دياب، اذ هناك توقعات كثيرة حول ما سيفعله حيال مطالب القوى المشاركة في الحكومة، وتحديداً من قبل الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر وبدعمٍ من رئيس الجمهورية أي ان يقبل بمطالبهم فتكون حكومته من سياسيين وأصحاب اختصاص وهذا ما لا يقبل به على اعتبار انه وعد كل القوى بأن قبوله بالتأليف كان مشروطاً بترك الخيارات له حول شكل الحكومة، ولكن اذا انصاع لهذه القوى على خلفية وضع المنطقة والظروف الصعبة بعد اغتيال اللواء قاسم سليماني فإن الرئيس دياب سيكون ايضاً امام مواجهة في الشارع من الحراك الذي لا يقبل تحت أي ذريعة بوزراء من السياسيين، لذلك الأوضاع مرشحة الى الاسوأ اذ استمرت الأمور على ما هي عليه من تجاذبات وخلافات في حين ان الوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي وارتفاع الدولار يشد الخناق على اللبنانيين، اضافةً الى ما يجري في المصارف من هرج ومرج، لذا ان المعلومات تشير الى مرحلةٍ صعبة على كل المقاييس وثمة ترقب وانتظار لما ستكون عليه الأيام المقبلة اكان على صعيد الصراع بين واشنطن وايران وصولاً الى الشأن الداخلي وكيفية اخراج المأزق حول تأليف الحكومة.
وأخيراً فإن كل الاحتمالات تبقى واردة وخيارات الرئيس المكلف حسان دياب بدأت صعبة امام تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية في البلد، وهذه المسائل لن يسكت عليها الناس الذين يعيشون في ظروف هي الأصعب لهم وقد بدأ حبل الامن يفلت من خلال السرقات والتعديات، والأمور مرشحة نحو الاسوأ اذا استمرت الحالة على ما هي عليه من عدم تأليف حكومة مهما كان شكلها.