Site icon IMLebanon

الهوّة بين الحلفاء تعمّقت… والكل مستاء من دياب

 

قد يفسر عدم تطرق الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله لموضوع الحكومة في خطابه أمس أنه يطابق تحليلات رئيس الحكومة المكلف حسان دياب بأن “حزب الله” لا يزال على موقفه السابق من تشكيل حكومة “تكنوقراط” في أسرع وقت ممكن، لكن في المعطى السياسي يمكن أن يكون أيضاً تعبيراً عن امتعاض أو استياء مما آلت إليه المباحثات حتى وصلت إلى أن تكون عملية التشكيل مجمدة أو أن وتيرتها بطيئة للغاية.

 

كان الله في عون “حزب الله” على حلفائه قبل الخصوم. يتقن فن التعاطي مع الأعداء والخصوم، أما الحلفاء فتكاد تكون مراضاتهم صعبة للغاية. يبدو أن هؤلاء الحلفاء، لا سيما أقرب المقربين من بينهم، فهموا أن “حزب الله” على عجلة من أمره لتشكيل الحكومة فباتوا يتعاطون على قاعدة أنها لم تستنفد بعد الوقت الذي استغرقه تشكيل غيرها من الحكومات. وإلا كيف يمكن تفسير تلويح “التيار الوطني الحر” و”حركة أمل” بعدم المشاركة في الحكومة التي هي في الأساس حكومة “الثامن من آذار”؟ وهل صحيح أن العلاقة بين “حزب الله” و”التيار الوطني” لم تعد على سابق عهدها بسبب تعنّت رئيس التيار جبران باسيل بمطالبه؟

 

لم يكن ينقص التعطيل الحكومي إلا السجال بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف حسان دياب والذي وسّع الخلاف بين الشركاء على ولادة الحكومة.

 

خلّف بيان دياب انزعاجاً لدى رئيس الجمهورية وتسبب باهتزاز عامل الثقة بينهما، وبعد أن كان عون من المنظرين لتكليف دياب والمراهنين عليه، صار لا يتوانى عن التعبير عن انزعاجه من مواقفه الأخيرة التي قيلت خارج سياقها.

 

تقول المعلومات إن الكلام الأخير المنقول عن دياب خلّف امتعاضاً لدى رئيس الجمهورية الذي رأى فيه محاولة لفرض أمر واقع جديد، بعد أن كان يعوّل على مرحلة من التعاون الإيجابي تؤسس للخروج من الانهيار المالي.

 

موقف بعبدا

 

لا تنفي مصادر رئيس الجمهورية أن المباحثات المباشرة بشأن الحكومة جُمّدت. وحده شادي مسعد لا يزال يحرّك بمساعيه، موفداً من دياب، المياه الراكدة ولكن بلا نتائج ايجابية.

 

وفق رواية بعبدا، كان عون يريد حكومة تكنو – سياسية لكنه لبى رغبة الرئيس المكلف بحكومة تكنوقراط، وحين قدمت الأسماء وضعت الملاحظات على بعضها ممن يفتقدون إلى الخبرة الكافية، لكن حتى هذه النقطة تم تجاوزها إلى أن حصلت عملية اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني فارتأى عون وبالتشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أن المرحلة تقتضي حكومة مطعمة بسياسيين لتحصينها ولو اقتضى الأمر زيادة عددها، غير أن الرئيس المكلف اعترض على الطرح ووزع بيانه المعروف متحدثاً عن ضغوطات و”مكسر العصا” وهذه أمور لم يأت أحد على ذكرها وليس هناك من حاول فرض ضغوطات.

 

تضع مصادر رئيس الجمهورية البلاد أمام احتمالين: “إما ان يتجاوب دياب مع اقتراح رئيسي الجمهورية ومجلس النواب بحكومة تكنو – سياسية من 24 وزيراً، أو أن يتمسك دياب بموقفه ولا يتراجع عن تكليفه ويقدم تشكيلته الحكومية ليبني رئيس الجمهورية ساعتئذ على الشيء مقتضاه”. وجزمت المصادر عينها أن “مسألة سحب التكليف لم تطرح من الأساس كي يتم التعليق عليها ورأت فيها محاولة لتوسيع إطار الخلاف”.

 

الرئيس المكلف

 

وعلى رغم بيانه، يتجنّب دياب تظهير خلافه ورئيس الجمهورية للإعلام. لا يرى سبباً لاعتذاره عن التكليف ويعتبر أنه قدم المزيد من التنازلات في سبيل تسهيل مهمته. سلم رئيس الجمهورية ثلاث صيغ للحكومة من بينها واحدة تقترح دميانوس قطار وزيراً للاقتصاد وليس للخارجية. وهذا تنازل قدمه فيما لا يزال البعض يطلب منه المزيد من التنازلات يقف خلفها باسيل وليس رئيس الجمهورية مباشرة. وإذا كان عون قال إنه في انتظار دياب فإن الأخير بدوره يقول إنه هو الذي ينتظر رئيس الجمهورية وليس العكس للبت في واحدة من التشكيلات وليس بإمكانه أن يفعل أكثر مما فعل والمسألة مسألة مبدأ وليست مسألة شخص.

 

وفيما تصر مصادر الرئيس المكلف على القول إنه لا يزال في انتظار إجابة رئيس الجمهورية، نفت مصادر بعبدا تقديم دياب ثلاث صيغ حكومية بل “هو قدّم ورقة فيها حقائب وبعض الأسماء غير المكتملة، خصوصاً لناحية الأسماء الشيعية والمسيحيين، فطرح عليه عون بعض الأسئلة وأبدى ملاحظاته حول بعض الأسماء وهذا حقه، ووعد دياب بالإجابة عليها لكنه ذهب ولم يعد بعد”.

التيار الوطني

 

وسط هذه السلبية لم يكن ينقص دياب إلا إعلان “التيار الوطني الحر” أنه بصدد إعلان موقف مهم الثلثاء المقبل الأرجح ان يكون إعلان عدم المشاركة في الحكومة.

 

بالنسبة إلى “التيار الوطني الحر” كل “المحاولات الجارية سواء من حلفاء أو من خصوم في السياسة لتحميله مسؤولية العرقلة في التشكيل مردودة إلى أصحابها لأن قوة التيار تنبع من كونه لا يريد شيئاً لنفسه. وهو لن يسمي أي وزير ولم يتمسك بأي اسم ولكنه بالتأكيد لا يمكن أن يشارك في حكومة تضم شخصيات لا تتمتع بالجدارة ولا يرضى عنها اللبنانيون ولا تلبي متطلبات المجتمعين العربي والدولي وهي بالتأكيد لن تكون قادرة على الحصول على ثقة المجلس النيابي”.

 

وتقول مصادر التيار “للقريب والبعيد من الأفضل أن يلتفت كل طرف الى حديقة منزله ولا يتلهى بمراقبة حديقة “التيار الوطني” فمن راقب الناس مات هماً ولا مصلحة لأحد أن يشبّه نفسه بالتيار لا حجماً ولا حضوراً إذ إنه قد يخرج خاسراً، أو كما يقال قد يخرج “من المولد بلا حمص”، لأن التيار سيكون خارج منطق الحصص في أي حكومة يشكلها حسان دياب. ذلك أن التيار كان يبحث عن شركاء في الحكومة وعن توازنات حقيقية وحلول”.

 

الكل مستاء من دياب على طريقته ولأسبابه، والارجح أنّ “أمل” قد تحجم عن المشاركة في الحكومة أيضاً. علماً أنّ بري يشكّك بعدم قدرة دياب على تشكيل الحكومة ولذا هو يراهن على عودة الحريري فتحدث عن حكومة “لمّ الشمل”.

 

على ما يبدو فإن الرئيس المكلف يحاول أن يثبت جدارته سنّياً بتمسكه بالنص الدستوري الذي يحصر مهمة التشكيل في يد الرئيس المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية، وأن استشاراته النيابية غير ملزمة، إلا أن تشكيل الحكومات لا يتم إلا بالتوافق.

 

ربما الأمر يحتاج إلى خرق في مكان ما أو معجزة أو أن البلاد أمام مفترق في غاية الخطورة.