IMLebanon

بدائع زمان التأليف

 

لم يعد لتأخير اعلان الحكومة المنتظرة اي معنى، خصوصاً اذا كان مرد هذا التأخير ما يُحكى عن خلاف على الحصص بين أطراف التكليف. وفي المبدأ يعلن هؤلاء الأطراف انهم لن يسمّوا احداً الى عضوية الحكومة، لكنهم يمارسون ما هو اخطر من ذلك بكثير. وفي الحالتين يكذبون ويمعنون تمسكاً بإمتيازات يرونها مهددة.

 

فرضت غضبة اللبنانيين ومطالبتهم بحكومة من خارج الصف السياسي الحاكم منذ عقود، لغة جديدة يجري تداولها. وانحرف سياسيون محترفون عن عاداتهم ورحبوا بمطالب الانتفاضة، وقيام حكومة مستقلة تقود عملية الإنقاذ والانتقال، الا ان هؤلاء كذبوا تماماً عندما اختاروا أكثر الناس ارتباطاً بهم وظيفياً وحياتياً ومصلحياً، معلنين في الوقت نفسه انهم لن يسموا من احزابهم وحركاتهم وتياراتهم.

 

الأخطر الذي أشرنا اليه هو ان قادة التكليف ومن لم يشاركهم ذلك، ابتدعوا نظرية جديدة، فإذا تخلوا عن ادوارهم الحزبية في الاختيار، فهم لن يتخلوا عن دورهم كزعامات طائفية! وزعيم التكليف في هذا المعنى لم يعد فريقاً بين فرقاء سياسيين من الطائفة نفسها الى جانب آخرين من طائفته وطوائف أخرى، بل صار مسؤولاً عن تمثيل طائفته كطائفة، بحيث ان ممثله في الحكومة ينبغي ان يجمع بين ولاء شخصي شديد وعمق طائفي مجيد، وكل ذلك من اجل ولادة حكومة مستقلين لا يعرف احد أوانها.

 

يحق للفيلسوف الثاني في البلاط ان يعجب ويتساءل لماذا يتمسك حسان دياب بحكومة الـ18 وزيراً ولا يجعلها من 20؟ وبالفعل هو سؤال يقطر براءة لا ندري هل يصنف في خانة التكليف أم التأليف. انه على الارجح في خانة تبرير التأخير للتغطية على الطرفين المعنيين بكل هذا المسلسل: “حزب الله” وتيار رئيس الجمهورية، فالحكومة عندهما حتى يتاح لحسان دياب ان يقول شيئاً.