Site icon IMLebanon

سبت أسود مالي  

 

 

إستمعنا الى خطاب رئيس الحكومة الذي كنا ننتظره بفارغ الصبر عاقدين عليه آمالاً كبيرة.

 

فعلاً فوجئنا به، فكأن هذا الخطاب يلقيه الشيخ نعيم قاسم وليس رئيس حكومة لبنان «الإنقاذية»:

 

أولاً- يقول رئيس الحكومة إنّ السياسات المتبعة منذ 30 سنة هي التي أوصلت الى حال الإفلاس، ونحن نرد عليه بأنّ هذه السياسات هي التي بنت المطار والمدينة الرياضية ونفذت الطرقات والجسور وكانت كلفتها كلها خمسة مليارات، وكانت الكهرباء 24 على 24، ولكن بدأت رحلة العذاب مع عهد إميل لحود الذي اتبع سياسة الكيدية، والإنتقام من الحريرية لأنه يجب أن يُعاقب الحريري على إعادة بناء الدولة.

 

للتذكير لم يكن من قصر بعبدا… كان ميشال عون فيه، وكان القرار الجريء للرئيس الياس الهراوي الذي خاف الرئيس سليم الحص أن يمشي فيه، فأصرّ الهراوي قائلاً إنه هو الرئيس الماروني ويريد وضع حد لحالة التمرّد، ولولا هذا القرار لكانت الأمور مختلفة.

 

وبعدها نأتي الى السياسات التي كان يتخذها إميل لحود في عرقلة لكل مشاريع رفيق الحريري، بالأخص مشروع الموبايل الذي كان يقوم على نظام BOT ويرد الى الدولة 5 مليارات دولار.

 

قتلوا رفيق الحريري، وبعد سنة خطفت مجموعة من «حزب الله» جنديين إسرائيليين تحت شعار «تحرير اسرانا»، فكانت حرب تموز 2006 المشهورة التي قال فيها السيّد: «لو كنت أعلم»، وكلفت لبنان 5000 قتيل وجريح من المواطنين والجيش و»حزب الله»، إضافة الى 15 مليار دولار خسائر.

 

ثانياً- منذ 30 سنة وهناك عجز دائم في الموازنة التي يوافق عليها المجلس النيابي الكريم، أي ان الدين عمره 30 سنة، لذلك وصل هذا الدين الى 86 ملياراً، علماً ان 46٪ منه سببه استعمال الفيول اويل، بدلاً من الغاز بالنسبة الى إنتاج الكهرباء، ولو استعملنا الغاز لهبط الدين الى نصفه.

 

ثالثاً- التعطيل الذي يمارسه «حزب الله» بدءًا من قرار احتلال السراي أيام فؤاد السنيورة وإبقاء البلد معطلاً سنة كاملة، ثم جاءتنا مصيبة جديدة في التعطيل، فكل حكومة منذ 2005 حتى اليوم احتاجت الى سنة كاملة لأنّ ميشال عون يريد أن يفرض صهره الذي رفضه الشعب مرتين في الانتخابات النيابية، ففرضه وزيراً للطاقة والاتصالات وأخيراً للخارجية.

 

لم يكن ذلك كافياً، التعطيل الرئاسي الاول استمر سنة حتى جرى انتخاب ميشال سليمان، بعدما احتل «حزب الله» بيروت، وجرى «اتفاق الدوحة» الذي جاء بميشال سليمان رئيساً، وفي السنة الثالثة من عهده طرح في «بيان بعبدا» الاستراتيجية الدفاعية فقامت قيامة «حزب الله»، وقال محمد رعد لسليمان: «انقعو واشرب ميتو»… ولأنّ «حزب الله» أراد أن ينتقم من ميشال سليمان الذي جرّب أن يضع حداً لسلاح الحزب ضمن استراتيجية دفاعية تضعه بإمرة الجيش.

 

رابعاً- بعد عهد سليمان بقينا سنتين ونصف السنة من دون حكومة ورئيس، وأُقفل المجلس النيابي تحت شعار: «ميشال عون أو لا أحد».

 

جاء ميشال عون وبدأ يتكلم عن الاقتصاد الريعي والاقتصاد المنتج، نظرياً فخامته على حق، ولكن عملياً الزراعة في لبنان، مهما حاولنا، تعاني صعوبات كثيرة أبرزها اليد العاملة وسعر الأراضي، أي ان كلفتها مرتفعة، وبالتالي لا قدرة على منافسة الإنتاج العربي والقبرصي… والصناعة يمكن أن تكون أفضل ولكن أسعار الكهرباء والفيول عندنا مرتفعة… ما يجعل المنافسة صعبة جداً.

 

ويبقى الإعتماد الحقيقي على السياحة، وقلنا غير مرة إنّ لبنان بحاجة ماسة الى السياحة العربية والاستثمارات العربية خصوصاً الخليجية، وبسبب إنحياز ميشال عون الى إيران بالرغم من أنّ البيانات الحكومية تكذب على الناس بالحديث عن «النأي بالنفس».

 

وكنا ننتظر من «حكومة التحديات» أن تتصرّف بعقلانية وتعالج مسألة اليوروبوند بهدوء ومنطق لا أن تتحدّى العالم من موقع الضعف، خصوصاً ان ردود الفعل على الاقتصاد اللبناني بالنسبة الى فتح الإعتمادات وضعت لبنان في ما يصح فيه القول إنّ ذلك اليوم الذي اتخذ فيه قرار «تعليق الدفع» هو سبت أسود مالي في لبنان.

 

عوني الكعكي