IMLebanon

بين خيارات مجدية وغير ممكنة وخيارات ممكنة وغير مجدية

 

 

«من الكلام زي الحسام         يقطع مكان ما يمرّ

أما المديح سهل ومريح         يخدع لكن بيضرّ

والكلمة دين من غير إيدين     بس الوفا على حرّ»        أحمد فؤاد نجم

 

لم يكن من الأخلاقي أبداً فتح باب الهجوم على حكومة حسان دياب، ولا حتى عليه شخصياً، وذلك بالرغم من كل ما بدر منه من نرجسية، على الأقل من ناحية محبته لعدسات التصوير وهي تأخذه في وقفات استعراضية. ولكن، ما همّنا، فما نسعى لكي نراه هو الإنجازات، من بعدها فلتؤخذ الصور أينما حلّ وحيثما ذهب.

لكنه بتصريحاته الأخيرة استدرج بنفسه حملات الهجاء لشخصه ولحكومته. فمن ناحية إلقاء اللوم على ثلاثين سنة من الممارسات الخاطئة، من دون أن يذكر الواقع السياسي والأمني المرتبط بتلك الحقبة.

 

على كل الأحوال فقد كان هو عالماً بكل ما كان، ولا أحد يطلب منه أن يشرح ما كان، بل المطلوب هو أن يشرح ما سيكون عليه مخططه للإنقاذ. وإلّا فالسؤال الذي يُطرح، بالتالي، هو، لمَِ أتيت إذاً؟ هل للبحث عن حل؟ أم للبكاء على الأطلال؟ أم لمجرد أخذ مجموعة صور تمهيداً لإصدار جديد من مسلسل كتب السيرة الذاتية؟

تصريحه الثاني كان بخصوص إتهام البعض بالمؤامرة على جهوده لتصحيح العلاقات الدولية، وخاصة الإقليمية العربية مع لبنان. وهنا أيضاً سقطة أخرى، فهو أتى مع علمه بأنّ العلاقة الإقليمية مع لبنان لا تحتاج لمن يتآمر على الإساءة إليها، فمن أتى به أصلاً هو أصل البلاء. على رئيس الحكومة أن يبادر ويجتهد ليُصلح العلاقة، أو أن يطرح البديل المجدي للسير به. أما التوهّم بإمكانية إصلاح هذه العلاقة من دون إزالة أسباب تدهورها، فهو يعني قصوراً خطيراً في تقدير الأمور، على أقل تقدير.

أما التصريح الأخير اليائس حول عجز الدولة، فلا يمكن اعتباره إلّا نوعاً من الاستقالة، من خلال التسليم بعدم القدرة على العلاج. وهنا يعود السؤال الكبير لحسان دياب بالذات، لماذا أتيت إذاً؟

لا يمكن بالواقع القسوة على الحكومة من باب عجزها، فحتى ولو أتت حكومة أخرى، وحتى ولو كانت مستقلة بالفعل، واختصاصية بالفعل، فإنّ هامش قدراتها يبقى محدوداً لوقائع عدّة موضوعية، ولكون الخيارات المجدية لا علاقة لها بالحكومة.

 

فالخيارات المجدية هي كما يلي:

1- إعلان “حزب الله” الإنفصال الكامل عن الحرس الثوري الإيراني والإنسحاب التام من كل مناطق إنتشاره الإقليمية.

2- الإلتزام بإعلان بعبدا فعلياً.

3- الإنخراط الفعلي في بحث الإستراتيجية الدفاعية، بهدف وضع كل القدرات العسكرية تحت سلطة الدولة.

4- يمكن للحزب الاستمرار في الدعاية لولاية الفقيه وحتى التمادي في الحملات على أعدائه تحت شعار حرّية الرأي.

5- المباشرة في تقديم برنامج إصلاحي مالي، يبدأ بملف الكهرباء والجمارك والتعدّيات البحرية والنهرية وقطاع الإتصالات وعلاج النفايات الصلبة.

6- المبادرة إلى التعاون مع نصائح البنك الدولي بالتوازي مع حملة دبلوماسية لطلب المساعدة المالية والتقنية من الدول والمؤسسات القادرة على مد اليد.

7- البدء بإصلاحات بنيوية في الإقتصاد، وطرح خيارات مجدية بتوسيع قدرة المواطن على المبادرة.

8- إصلاح قضائي لدعم الاستقلالية والفعالية.

9- إصلاح سياسي يحدّ من قدرة الإقطاع السياسي الطائفي على التلاعب والتعطيل في مسار الدولة.

هذه هي، في رأيي، الخيارات المجدية، ولكن المستحيلة في ظل الواقع، وهي ما يعرفها الرئيس حسان دياب والرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري، وحتى حسن نصر الله، ويعرفها أيضاً أي طامح لرئاسة الوزراء أو جرّب هذا الموقع منذ اتفاق الطائف.

أما الخيارات الممكنة فهي كما يلي:

– تجاهل مسألة وجود “حزب الله” ودوره والإبقاء على ستار المقاومة لتفادي التفاصيل.
– الإستمرار في المحاولة لاستدراج المساعدات الممكنة.
– حل جذري وسريع لقضية الكهرباء.
– إصلاحات مالية بما تيسّر.
– إصلاحات قضائية.
– إصلاحات اقتصادية.
– قبول نصائح البنك الدولي.
وكلها خيارات ممكنة، ولكنها، كما هو واضح، قاصرة عن معالجة الوضع المالي الملّح، وبالتأكيد لن تتمكن من إصلاح الوضع السياسي.
لذلك، وبكل موضوعية، فإنّ المواطن اليوم المطحون بين ما هو ممكن وما هو مجدٍ، لم يبق إلّا الدعاء بأن يلطف به.