Site icon IMLebanon

خطتكم الموعودة ليست المشكلة

 

قبل الحديث عن اجتماع بعبدا مع “مجموعة الدعم للبنان”، يفترض لفت انتباه رئيسي الجمهورية والحكومة على السواء الى ان تكرار الحديث عن تركة 30 عاماً واصلاح ما أفسده الآخرون، بات مثيراً للاشمئزاز. ففريق العهد أبلى منذ 2005 أحسن بلاء في حفلة الفساد العميم، وممثلوه حصدوا قصب السبق في التعطيل ومحاصصة الناهبين. أما الرئيس دياب فمتدرّج من حكومة “القمصان السود” الى ان يكون “مزهرية” قوى 8 آذار التي زينت بها السراي.

 

ثم حبذا لو يمتنع الرئيس دياب عن امتداح ثورة “17 تشرين” والادعاء بأنه يجري إصلاحات طالبت بها. فلا هو الشخص الذي أرادته تلك الانتفاضة المجيدة في تاريخ لبنان. ولا طموح الشباب الثائر أن تُسرق الحكومة خلسة فيتولى وزاراتها أدوات لقوى تسببّت بخراب الاقتصاد والسيادة الوطنية، بعدما أمعنت في الديون والحروب بالأصالة والوكالة.

 

ولعل أول ملاحظة على الاجتماع سؤالٌ عن معنى انعقاده ما دامت “الخطة الاصلاحية الشاملة” في طور التخمير، وما دامت الحكومة تأخذ وقتاً كافياً للتردد في كل الملفات في ظل استغلالها مكافحة الوباء. ألم يكن أَوْلى وضع الخطة بين أيدي ممثلي مجموعة الدعم لعرضها للنقاش، أم ان الحاجة الى استعراضات إضافية هي الدافع الحقيقي؟

 

لم يتمنَّع المجتمع الدولي يوماً عن مساعدة لبنان. لكن “مجموعة الدعم” بالتحديد كرّرت شروطها وخصوصاً بعد سقوط حكومة سعد الحريري تحت وطأة إنتفاضة الشعب اللبناني بأنّ المطلوب اصلاحات، ثم اصلاحات، والكهرباء على رأس الأولويات… ولم تنس ان تذكِّر السائلين بأن تنفيذ القرارات الدولية واستعادة السلطة الشرعية كامل حقوقها والابتعاد عن التورط في الحروب الاقليمية (النأي بالنفس) ملازمة أيضاً لأي جهد دولي.

 

يريد رئيس الجمهورية بالتحديد العودة الى موضوع النازحين ليحمّل المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عنه، وهو محق في المبدأ لكنه مخطئ في شيء أساسي: أين صداقتك مع الرئيس السوري ومونة حليفك “حزب الله” لتقنعه باستعادة أبناء بلده من ذلّ مخيمات التعتير؟ كنتم تتذرعون بموقف الفريق السيادي المطالب بعودة آمنة للنازحين، فها أنتم اليوم لون واحد، حكومةً وبرلماناً ورئيس جمهورية، فلماذا لم تعيدوا النازحين؟

 

أما بيت القصيد فهو عودتكم الى برنامج “سيدر”، وهو في المناسبة “انجاز حريري”، وكأنّ فريقكم يتمسك بقشة نجاة لعلمكم بأن “صندوق النقد”، الذي “تدلَّعتم” عليه ثلاثة أشهر معتقدين انكم في موضع من يفرض الشروط، بات مشغولاً عنكم الآن، بعدما فاق عدد طالبي المساعدة منه لمواجهة آثار الكورونا ثمانين دولة، بينها دول ذات صدقية وأجدر من دولتنا بمعايير الشفافية الدولية.

 

أنتم تراهنون، وتوهمون اللبنانيين انكم تحشرون المجتمع الدولي، مع ادراككم انّ صعود سلَّم “سيدر” ليس أقل مشقّة من التعهد الجدي أمام صندوق النقد الدولي.

 

المجتمع الدولي، يا حضرة أهل السلطة المسؤولين، مثل الشعب اللبناني. يقول لكم بديبلوماسية ولباقة أنكم غير موثوقين، فيما نقول لكم صراحة: لستم أهلاً لتحمل المسؤولية. تاريخكم وحاضركم يشهدان ضدّ ادعاءاتكم. ولا أفضل لصاحب هكذا مواصفات من أن يستريح ويريح.