تلقّى رئيس الحكومة حسان دياب صفعة من رئيس مجلس النواب نبيه بري في الجلسات التشريعية، والكيمياء ليست على ما يرام بين الرجلين.
في المشهد العام، يخفي صراع بري – دياب التنافس بين السلطة التنفيذية والتشريعية في نظام ارتضاه الجميع بعد توقيع “اتفاق الطائف” برلمانياً بعدما كان نصف رئاسي بعد استقلال 1943، أما في الحقيقة فإن هذا الصراع القديم – الجديد يدل على القتال على المراكز بين ما يمثله بري من عمود فقري للنظام الذي نشأ بعد “الطائف”، وبين دياب الطارئ على هذا النظام والمدعوم من “التيار الوطني الحرّ” إلى حدّ ما ويحظى برضى “حزب الله”.
وأمام كل ما حصل، تؤكّد مصادر قريبة من “8 آذار” أن “دياب ما زال يتمتع بغطاء “حزب الله” وينال ثقته على رغم كل علامات عدم الرضى عن بعض السياسات الحاصلة، لكن بالصورة الإجمالية فإنه لا بديل عن هذه الحكومة لأن إسقاطها يعني الدخول في الفراغ القاتل وعدم القدرة على تأليف حكومة جديدة وسط تصاعد الصراع السياسي في البلاد”.
ويأخذ “حزب الله” في الحسبان معطى “كورونا” المستجدّ في البلاد حيث يعتبر أن حكومة دياب، وبإعتراف الجميع، نجحت حتى الآن في احتواء تداعيات هذا الفيروس، وأي خضّة حكومية قد تؤثّر سلباً على المواجهة التي يخوضها الشعب اللبناني مع هذا المرض الفتّاك، في حين ما زال “الحزب” يحمّل الحكومات المتعاقبة والسياسات المالية المتبعة منذ التسعينات إضافةً إلى سياسة مصرف لبنان المالية، مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الإقتصادية وما يعانيه الشعب اللبناني”.
من جهة أخرى، فإن القوى المعارضة للحكومة وعلى رأسها الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط ممنونين من كباش بري – دياب، خصوصاً أن علاقة الرجلين جيدة مع الرئيس برّي الذي يخوض هذه المعركة بالنيابة عنهما.
لا شكّ أن الملف الإقتصادي يشكّل الضغط الأساسي على حكومة دياب بعد قضية “كورونا”، ويسجّل الدولار في عهد حكومته ارتفاعاً غير مسبوق يلامس عتبة الأربعة آلاف ليرة، لكن دياب، كما رعاة الحكومة من “حزب الله” إلى العهد وفريق “التيار الوطني الحرّ”، يضعون المسؤولية على الحكومات المتعاقبة، لذلك يستبعد قريبون منه فكرة الإستقالة حالياً، إذ إن التهرّب من تحمّل المسؤوليات في هذا الوقت يعني إدخالاً للبلاد في المجهول، وهذا الأمر لا يريده دياب الذي يعتبر أن حكومته شرعية وقد نالت ثقة مجلس النواب بحضور جميع الكتل النيابية وبجلسة ميثاقية مئة في المئة، وأنها أتت بعد ثورة شعبية تطالب بإصلاحات، لذلك فإن الفراغ يقوّض كل خطط العمل.
في حسابات دياب ان الإستقالة تحصل وفق ثلاثة شروط، الأول استقالته شخصياً عندها تسقط الحكومة حكماً، وهذا غير وارد إطلاقاً حالياً ولا يدخل في حساباته طالما يقوم بمهامه على أكمل وجه.
أما الشرط الثاني فهو سحب الثقة البرلمانية منه، وهذا الأمر لن يحصل لأن أحداً لم يطرح هذا الموضوع، كما أن الكتل التي تنوي إسقاط حكومته ستكون محرجة لأن لا بديل متوافر وجاهز.
وبالنسبة إلى الشرط الثالث، فهو استقالة ثلث أعضاء الحكومة، وهذا الأمر لا يتحقق من دون غطاء من “حزب الله” والعهد، في حين أن القوى المعارضة لدياب في الحكومة لا تملك الثلث زائداً واحداً من الوزراء، وبالتالي فإن لا خوف قانونياً لدى دياب.
لكن كل هذه النقاط الدستورية والقانونية التي تريح دياب تسقط عندما يثور الشارع من جديد حيث ستكون الحكومة في مرمى نيرانه، عندها يطرح السؤال الأهم هل يسقط دياب في الشارع؟