ينقل عن رئيس الحكومة حسان دياب قوله أمام البعض إنه مصمم على عدم تقديم التنازلات والتمسك بالمبادئ التي التزم بها في مواقفه والبيانات التي أدلى بها منذ توليه رئاسة الحكومة. وهو لطالما تصرف حيال بعض الإشكالات التي اعترضت طريق الحكومة أو توجهاته في بعض الملفات بالتشديد أمام بعض الوزراء وبعض المستشارين، أنه لن يعدل موقفه، حيال وجهات نظر معاكسة لما ينويه.
كرر رئيس الحكومة هذه المواقف منذ تكليفه تأليف الحكومة وتمسك بأن تكون من مستقلين ومن غير النواب ومن التكنوقراط، وعاد فتوعّد “الأوركسترا” التي همها إفشال الحكومة ومساعدة الخارج لها، ورمى مسؤولية التردي الاقتصادي على التركة الثقيلة التي تركها من مارسوا الحكم منذ 30 سنة، ثم تشبث بموقفه المستريب من رياض سلامة…
عاد دياب فقبل بغير المستقلين وبأصحاب الولاء المغلف بالتكنوقراطية، ثم اكتشف أن حديث التركة الثقيلة يرمز الى جموح في معاداة فريق الحريرية السياسية التي يصمم شريكه في الحكومة على إقتلاعها في شكل يعريه هو من أي غطاء سني، فبات لسان حاله مع الشريك ان يراعي وضعه في الطائفة. وبعد حملته على سلامة بهدف تغييره اضطر للقائه والاتفاق معه على إدارة المأزق النقدي.
ليس رئيس الحكومة وحده من اشتهر بأنه يوحي للآخرين بأنه “عنيد”، بل أن عدداً من الوزراء الذين يشاركونه أسلوبه قالوها علناً مثل وزير الاقتصاد راؤول نعمة الذي أكد أنه “تَيسْ”… ويبدو أن تعبير “كاميكاز” ينسب إلى رئيس الحكومة قوله. ويقتبسه عنه وزير أو أكثر. وإذا كان الكاميكاز عرفوا بالطيارين اليابانيين الانتحاريين الذين انتحروا بصدم طائراتهم بسفن الأسطول الأميركي في بيرل هاربور في الحرب العالمية الثانية، فإن هذا الصنف من المقاتلين نشأ في اليابان في القرن الثالث عشر وترجمته تعني “الريح المقدسة” لرجال القوات الخاصة اليابانية الذين ينتحرون ببقر بطونهم بالسيف، إنقاذاً لـ”الشرف” و”الولاء” للأمبراطور، إذا كانوا سيؤسرون أو يقتلون على يد العدو.
لا يحتاج الأمر إلى هذا القدر من التضحية عند رئيس الحكومة أو بعض الوزراء، بل إلى شيء من الثبات على المواقف حتى لا تثبت تهمة الدونكيشوتية أو عدم الوفاء بالوعود. فعلى الرغم من أن دياب والوزراء سبق أن أكدوا أنهم لا ينوون خوض غمار الحياة السياسية وبناء زعامة أو الحصول على دور سياسي أو الترشح للانتخابات، فإن ما يُصادفهم على المسرح السياسي لا يمكن أن يواجهوه بزعم أنهم لا يعملون وفق مصالح ومآرب سياسية.
تأليف الحكومة نفسه أنجز تبعاً لتحالف سياسي أملى تركيبتها فأخضعها لمعادلة معروفة سواء سميت “حكومة حزب الله” أو “حكومة اللون الوحد” أو “حكومة العهد الأولى”. كلها صفات تقيد عملها قياساً إلى ادعاء بعض أعضائها الاستقلالية. ولا ينفع قول بعض الوزراء في الغرف المغلقة أنهم يفضلون الاستقالة لكن هذا ممنوع عليهم. يستوي في ذلك قول دياب “أنا بفلّ ” حين ألح الرئيس ميشال عون على إعادة إدراج معمل سلعاتا في خطة الكهرباء بعد أن صوّت مجلس الوزراء على تأجيل سلعاتا لمصلحة بناء معملي الزهراني ودير عمار أولاً، فجاءه الجواب: “إيه خليه يفلّ”. أما النتيجة فكانت إعادة إدراج سلعاتا في الخطة. والآن يجري الضغط على الشركات العارضة لبناء المعامل كي تبدأ بمعمل سلعاتا “وإلا لن تكون هناك عقود لبناء المعامل”.
ماذا سيقول المانحون ولا سيما الفرنسيون إزاء ذلك؟