IMLebanon

حكومة «مندوبي الأحزاب» من مستشارين ومستشاري المستشارين!

 

 

عند تسمية حسّان دياب رئيساً مكلّفاً تشكيل الحكومة المقبلة، كان في ذهن بعض البعض أن الرجل هو من خارج النادي التقليدي لرؤساء الحكومات ومن خارج لعبة المحاصصة المعهودة، وأنه سيشكّل حكومة من أصحاب الاختصاص والكفاءات الذين يتمتعون باستقلالية القرار.

 

ولكن سرعان ما تبيّن أن الرجل لا يمكنه تخطّي القوى السياسيّة التي سمّته لرئاسة الحكومة، والتي حدّدت احجامها في الحكومة وفرضت عليه الحقائب التي تريدها. فبدلاً من حكومة اختصاصيين مستقلّين كما روّج لها الرئيس المُكلّف، تم استبدال الاصيل بوكيل الوكيل، فجاءت الحكومة المقترحة من مستشارين لدى القوى السياسية، التي تُنادي بالتغيير من أجل إنقاذ البلد!

 

ولا شكّ أنّ عمليّة التكليف والتأليف برهنت انّ الطبقة السياسيّة ما زالت تعمل خارج إرادة الناس ومصالحهم، وفق نظام المُحاصصة والمحسوبيات المعهود، اذ أن الواقع الحكومي أثبت أن الطغمة السياسيّة المسيطرة على القرار السياسيّ مازالت تنظر إلى الوطن كقالب جبنة مؤلّف من حصص، وإلى السلطة كمكسب مدرار، وإلى الحكم كقوة تسلّط على الشّعب. وهناك فريق مازال يمعن في التذاكِ السياسي محاولاً الحصول على الأكثرية في الحكومة العتيدة بهدف استعادة «الثلث المُعطّل».

 

ويؤخذ على التوليفة الحكوميّة التي يتمّ تناقلها في وسائل الاعلام، وهي ليست التشكيلة النهائيّة، أن بعض الاختصاصيّين تمّ ايكالهم حقائب وزراية من خارج اختصاصهم، والمعلوم أنّ عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب هو سبّب رئيسي للفشل الحكومي في إدارة البلاد وتراجع التنمية وتأخر المشاريع.

 

وإن حصل واستطاع الرئيس المُكلّف تشكيل الحكومة العتيدة، فإنّه وحكومته سيكونون أمام تحدّي كتابة البيان الوزاري الذي يتوقّع أن تتدخّل فيه «أجناس الملائكة جمعاء». وفي السياق، يتوجّس بعض اللبنانيّين من عدم استطاعة الحكومة العتيدة صياغة بيان وزاري مُجدي يرقى الى طموحات اللبنانيّين في حدود حاجاتهم المُلحّة، ويعبّر عن الممكن فعله في مختلف المجالات العامة من خلال بنود قابلة للترجمة عبر خارطة عمل اقتصادية وماليّة ونقديّة واجتماعية وبنيويّة وبيئيّة شاملة ومهيّأة للتطبيق، وتتضمن حلولاً واقعية ومستدامة تُحصّن لبنان بوجه التحديات التي ما عاد من الممكن التأخير في معالجتها، وتحقّق إنجازات مؤثرة وسريعة تعيد ثقة الشعب اللبناني بدولته واقتصاده وأمنه.

 

قد تولد حكومة الرئيس حسّان دياب بعد مخاضٍ عسير، الّا ان قدرتها على التصدي للانهيار القائم تبقى رهن برنامجها والحسابات التي ترعى مصالح مكوّناتها، وهذا ما ستظهره الأيام القادمة حسب مقولة «الميّه تكذّب الغطاس»، ولكن الواقع الاقتصادي والمالي الذي أنهك جسد الدّولة وخفّض القدرة المعيشيّة لدى المواطن لم يعد يحتمل المزيد من التجارب والمغامرة بحيوات اللبنانيين.