ليست حكومة حسّان دياب هي المثالية التي يُمكن للشعب اللبناني المنتفض أو الموالي للزعامات أن يأمل فيها خيراً في أن تبدأ بانتشال الوطن سريعاً مما هو فيه. المشاكل التي يعانيها لبنان أكبر من أي حكومة ومن القدرات اللبنانية على مختلف الصعد والتي أُصيبت بضربة كادت أن تكون قاضيةً.
هذه الحكومة إن لم تبدأ بصدمة إيجابية على الصعيد الداخلي لن يُمكنها أن تنزع عن نفسها صفات المحاصصة والتبعية للقوى السياسية التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه، ولن يكون صعباً عليها أن تجد القطاع المناسب لتحقيق هذه الصدمة باعتبار أن كل القطاعات في لبنان شبه منهارة، وأي تحسين في وضعيتها وفق معايير الشفافية سيكون أفضل رد على منتقديها والمطالبين بإسقاطها.
في السياسة يُمكن للصدمة الإيجابية أن تكون من خلال العمل الجدي في خلال أشهر قليلة على إقرار قانون جديد للإنتخابات، يؤمن التمثيل الصحيح والعادل لكل فئات الشعب اللبناني، ولا يؤدي إلى هيمنة طائفة أو حزب أو تيار على مسار هذه الانتخابات، باستخدام القوة العددية أو فائض القوة المستند الى السلاح والمال، وأن يتيح هذا القانون للأقليات السياسية وغير السياسية أن تتمثل في البرلمان وفق أحجامها التي تحددها فقط أصوات الناخبين في صناديق الاقتراع، على أن يقترن القانون الجديد بتقصير ولاية المجلس النيابي الحالي والذهاب إلى انتخابات قبل نهاية هذا العام.
في الاقتصاد، يُمكن للصدمة الإيجابية أن تستخدم مجالات متعددة ولكن المجال الأفضل والأكثر تأثيراً في الرأي العام، ولا سيما لجهة وقف هدر المال العام ومال المواطنين هو تأمين المزيد من التيار الكهربائي، وذلك من خلال البدء بإنشاء معامل جديدة لإنتاج الطاقة في فترة لا تتجاوز الأشهر الثلاثة، على أن يُنجز العمل في مهلة لا تتجاوز السنة، وأن يتم استخدام الغاز في عملية الإنتاج لتوفير مئات ملايين الدولارات التي تدفع لشراء الفيول أويل والمازوت.
وفي هذا المجال لا بد من التذكير بأن إعلان الاتفاق على حل الخلاف في شأن معمل دير عمار2 كان قد حصل في أيار من العام 2018، ورغم ذلك لم تنطلق عجلة العمل في هذا المعمل الذي يُفترض أن يبيعنا الكيلواط بـ 2.9 سنت ولن يكون صعباً على الحكومة الجديدة أن تطلق مشروعاً كهذا، جاهزاً من جميع النواحي وأن تبذل جهداً كأولوية لتأمين ما يحتاجه بعد من تمويل ربما.
في العمل على تحقيق هاتين الصدمتين لا بد وأن تلعب الانتفاضة دوراً أكبر وأهم، وأن تمارس ضغوطاً نوعية تضع الحكومة والقوى السياسية الداعمة لها في خانة هذين الخيارين فقط، لأن الخروج عنهما سيعني أن سقوطهم سيكون أسهل وأسرع لأن مقولة “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم” لم يعد لها من وجود، في بلد أكلته “دياب” السياسة وحوّلت الكثير من شعبه إلى قطعان من الغنم الذي آن الأوان لأن يفلت من يد جلاديه وان “يموت الديب”.