IMLebanon

ماذا تحقَّق من وعود حكومة “الدمى واللجان”؟

 

ككل حالة انتقالية، كان من الصعب أن يستوعب الهواة في حكومة حسان دياب طبيعة المهمة الموكلة إليهم وثقلها في لبنان كوزراء ما بعد الثورة، حيث كان التحوّل المركزي الذي شهدته البلاد يقوم على فكرة “تغيير الطبقة الحاكمة” و”الإصلاح” وليس تنفيذ أجندات رؤسائهم ممن أسقطهم الشعب في الشارع. ومن هنا كان سعيها المحموم، كحكومة دمى، أو حكومة أقنعة، إلى إطلاق مجموعة من الوعود الفارغة وثبوت عدم استجابتها لتطلعات المواطنين. فما بُني على سياسة مهترئة نتيجته باطلة.

 

حكومة أطلقت على نفسها صفة التخصص، لا يمكنها أن تكون في منأى عن النقد بذريعة أنها “غير معنية بتراكمات ما سبقها من فساد” أو أنها “وُلدت غداة أزمة إقتصادية وصحية غير مسبوقة”. فكل من قَبِل منصباً فيها، طرح نفسه بطلاً منقذاً، وزراؤها زعموا من على منابرهم أنهم يشكلون معاً نُقطةَ تحوّلٍ في السياسة اللبنانية خارج سياق الانقسامات التقليدية. واليوم بعد انتهاء العهد الصوري لحكومة تبين أنها تُدار بالكامل من “الثنائي الشيعي” وحليفه “الوطني الحر”، ما هي المحصلة وماذا نُفّذ من وعودهم؟

 

أشعار وقوافٍ

 

أهم ما ميّز خطابات حكومة التكنوقراط التي تُصرّف أعمال اللبنانيين اليوم، اللّغة المنمّقة والشعرية، الأوزان والقوافي… كان آخرها “كليشيه” لدياب عند تقديمه استقالته الخطية بعد انفجار المرفأ إذ قال لعون “الله يحمي لبنان، هيدا اللي بقدر قولو” وذلك بعد أن تبين في التحقيقات القضائية وفي الإعلام أنه كرئيس وزراء قد تم إبلاغه خطياً بوجود خطر كبير وداهم على بيروت، نتيجة وجود نيترات الأمونيوم في المرفأ ولم يتخذ تدابير تحول دون حصول الانفجار، الذي دمر نصف العاصمة، وقتل المئات وشرد الآلاف. فأتت كلماته الأخيرة كحبة الكرز على رأس قالب حلوى فشل حكومته التي وعدت بلائحة من الإنجازات لم تُطبّق، ودمجت الحديث عن مكافحة الفساد مع مصطلحات عميقة “كمحاربة العدو وخوض معركة الإستقلال” فأثارت جعجعة انتهازية بلا “طحين”.

 

كذلك اشتهر وزير الصحة حمد حسن بلغته المنمقة التي لا تُفهم، فقال مثلاً في إحدى تغريداته “‏بعد ليلٍ قصير يبدأ نهار الأجر المضني، وبين شجبِ التقصير وثني المتابعة، لا يفوتك الإفتراء والتجريح والعنان للشتم فتشكك بصدقية المطلوب للغاية الدنيئة؛ هنا آهات الإستغاثة وهنالك حريق وما بينهما كورونا وضيم تقصير مدان فتحل ظلمة السواد بكابوسٍ أملاً بفجرٍ قريب” مع هاشتاغ “الحكمة حياة وحياء”… أضف إلى ذلك كلام مماثل آخر لوزير التربية طارق المجذوب “كنّا من رافضي قشور السياسة، الداعين إلى إحياء صورتها الجوهريّة الرسوليّة. إنّ السياسة نقاء وحكمة وفضاءُ رؤيا. السياسة تقفز من الأمس إلى الغد… ما ذنبُنا، ما ذنبُنا اذا كنّا من دعاة السياسة/العقل، والسياسة/العطاء، والسياسة/ الصدق، والسياسة/ المشاركة”.

 

 

وبعيداً عن أشعارهما، في ملف الصحة، يعاني المواطن اللبناني من انقطاع العديد من أدوية الأمراض السرطانية والمزمنة (القلب والسكري والضغط)، وأدوية الأعصاب والالتهاب، وبالتالي عدم توفرها في العديد من الصيدليّات، في ظل تداول أخبار عن تهريب بعض الأدوية إلى سوريا والعراق والأردن واحتكار شركات أدوية ووكلاء لبعضها، سعياً إلى التحكّم بأسعارها في الفترة المقبلة بعد إعلان مصرف لبنان عزمه على رفع الدعم عنها. وتعاني المستشفيات نقصاً في الأسرة والمستلزمات الطبية، كما أعلنت المستشفيات الجامعية عن عدم قدرتها على متابعة توفير الخدمات الطبية العلاجية والجراحية خلال الفترة القادمة بالتزامن مع ارتفاع هستيري لمعدلات الكورونا بعد احتفاله برقصة “الدبكة” الشهيرة في بعلبك. أما وزير التربية، فوعد العائلات بمساعدة مادية لن يستطيعوا الحصول عليها، لم يساو بين طلاب المهني والأكاديمي، فأعفى الأكاديميين وأجرى الإمتحانات لتلامذة الطلبات الحرة والمهنية، ناهيك عن أن الناجحين الجدد من طلاب لبنان عاجزون عن الدراسة في الخارج، أما الذين يتلقّون تعليمهم في الخارج أساساً، وعددهم بالآلاف، فيعانون منذ أشهر طويلة من حجز المصارف اللبنانية للعملة الخضراء، بحيث تعذّر على الأهالي إرسال الأموال إلى أولادهم بالدولار الأميركي، لتلبية حاجاتهم من أقساط جامعية أو مصروف يوميّ.

لجان وإنجازات وهمية

 

مسألة أخرى اشتهرت بها هذه الحكومة وهي كثرة تأليف “اللجان” التي تعدّت الـ70 لجنة وفي طليعتها لجنة ضمت زوجة رئيس الحكومة في وزارة التربية غير أن الحكومة لم تتجه حتى الآن إلى نهج جديد حتى بعد استقالتها!

 

أما الإنجازات التي هللوا لها، فكانت شبه وهمية، كإنجاز عقد العمل الموحد للوزيرة لميا يمّين أيلول الماضي، الذي اتضح أنه ليس إلا خطوة غير كافية لإلغاء “نظام الكفالة” الذي يستعبد العاملات الأجنبيات، وأنها كوزيرة لم تستطع حتى الضغط على الكتل النيابية لتعديل قانون العمل الذي يجرد العاملات الأجنبيات من صفة الأُجَراء في مادته السابعة ويحرمهن من حقوقهن المشروعة كما تبيّن عدم وجود آليات تطبيقية واضحة تراقب تنفيذه وغياب الوضوح في بنوده. بالإضافة إلى أنه حتى اليوم، لم تحل يمين موضوع ترك العاملات الأجنبيات أمام سفارات بلادهن بعد قيام بعض العائلات بطردهن تعسفياً من دون دفع مستحقاتهن أو تأمين إعادتهن لبلادهن، كما أنها لم تتطرق إلى ملف الهاربات من العنف والإساءة واللواتي لا يملكن جوازات سفرهن وينتظرن أمام سفارات بلادهن على أمل تسوية أوضاعهن أو مساعدتهن عبر حل قانوني. ناهيك عن وعدها في 23 كانون الثاني 2020 أنها ستعمل جاهدةً للحد من نسبة البطالة التي يعاني منها الشباب اللبناني ونتائج وعدها جاءت سلبية، فمع تدهور الأزمة، يقول الاتحاد العمالي إن نحو ربع مليون شخص فقدوا وظائفهم ومعدلات البطالة في لبنان إلى ارتفاع. في تموز أكّدت لنا يمّين أنّنا بحاجة الى أن يكون هناك تصحيح وتعديل للأجور، وطبعاً كانت تلك وعوداً أطلقت في الهواء.

 

الإتصالات: رضوخ للإبتزاز

 

في قطاع الإتصالات أعيدت إدارة مايك 1 ومايك 2 للدولة بعد مماطلات. ومنذ ذلك الوقت، يصر المسيطرون على القطاع على التحايل والتملص من التخلي عنه فعلياً وفي المقابل نشهد من جهة الدولة اللبنانية ممثلة بالوزير طلال حواط رضوخاً للإبتزاز.

 

ففي أوراسكوم – ألفا سلمت الشركة الإدارة للدولة نظرياً بعدها تم تعيين مجلس إدارة جديد بطريقة المحاصصة الملتبسة المعهودة. أما حواط فمنح مجلس الإدارة السابق “براءة ذمة” قبل إتمام عملية التسليم والتسلم وما تشمله من القيام بجردة للموجودات والسجلات وكذلك الحسابات وتدقيقها بما في ذلك المطلوبات والمستحقات وغير ذلك. وهذا يعني أن الدولة أسقطت حقها في أي مطالبة لاحقة للشركة كما يعني أن أوراسكوم يمكن أن تعود، مرة جديدة إلى السوق، طالما تمت تبرئة ذمتها وذمة أعضاء مجلس الإدارة السابق. ذلك بالرغم من وجود شكاوى أمام القضاء واتهامات بالإختلاس وهدر المال العام تطال كلاً من الشركة وأعضاء مجلس الإدارة السابق.

 

أما في شركة زين/تاتش فيبدو انهم مصرّون على عدم تسليم الإدارة للدولة وينفذون عشرات المناورات على أمل تشكيل حكومة جديدة تعيد النظر بقرار استرداد إدارة القطاع. وقد طالبوا بإبراء ذمة مجلس الإدارة، في وقت لم يستطع الوزير حل ومعالجة ملف مبنى تاتش ومبنى قصابيان وعليه فشل في التصدي لمماطلة الشركة في عملية التسليم والتسلم بانتظار تبرئة ذمتها المستحيلة عملياً، مع العلم أنه مؤخراً طلبت الشركة من الموظفين توقيع إقرارات بإبراء ذمة الشركة تجاههم كشرط لانتقالهم إلى الشركة الجديدة، وأعلنت إنهاء خدماتهم قبل تسليم الإدارة للدولة ممثلة بشركة جديدة.

 

“الدفاع” و”الخارجية”: عاطلتان عن العمل

 

وفي ظل تحكم “حزب الله” في قرارات الحكومة عموماً وإدارة الحدود وملف الترسيم خصوصاً، لم تكن هناك حاجة فعلية لوزارة دفاع أضحت شبه صوريّة، وعليه، وظفت وزيرة الدفاع زينة عكر قدراتها العلمية والعملية في تحويل السراي الحكومي إلى سبعة مكاتب لشركاتها للإستشارات والمعلوماتية، حتى لُقبت “بحاكمة السراي” فقيل أنها ألغت ما تريد وفرضت ما تريد، خصوصاً في ملف الـUNDP الشهير ولربما كان من أهم أسباب فشل الحكومة هو “كثرة الطباخين”.

 

أما في “الخارجية” فلم يستطع وزيرا الخارجية ناصيف حتي أو شربل وهبة الذي خلفه تحسين العلاقة مع البلدان العربية أو الغربية، إذ كان واضحاً أن هذه الحكومة هي حكومة المحور الإيراني التي لا تناسب أحداً، فقلة من السفراء زاروا حسان دياب أما حركة وزراء الخارجية فتراجعت بنسبة 99% عن حركة من سبقهم وبقيت العلاقات شبه مقطوعة.

 

وبوزراء ظل الثنائي والتيار، فتح “حزب الله” إقتصاداً داخل الإقتصاد وشرّع أبواب المسالك غير الشرعية على الحدود مع سوريا، حتى استُنزف احتياطي النقد على المواد الأساسية المدعومة والمهرّبة لصالحهم و”على عينك يا دولة”.

 

وزراء بالإسم

 

الحمدلله، تركت الوزيرة المخلوعة ندى البستاني الكلام للوزير ريمون غجر الذي خلفها بعد فترة طويلة من تذكير الشعب لها أن دورها قد انتهى، لكن، من دون أي تغييرات في ملف الطاقة، الذي لم يُسجل فيه أي إنجاز يُذكر، لا بل بات يعاني المواطن من أزمة شح في المحروقات، وانتشر في المناطق السكنية ما يُسمى بـ”مستودعات الموت” حيث يخزن البعض الوقود خوفاً من انقطاعه. وكذلك تم تهميش صوت وزيرة المهجرين غادة شريم صاحبة وعد السعي لأن تكون آخر وزيرة مهجرين وإنهاء عمل هذه الوزارة لكن شيئاً من التقدم لم يحصل إذ بقيت تصريحات الوزير السابق غسان عطالله “شغالة” كأنه لم يسقط بحناجر الثوار.

 

أما وزير الأشغال العامة ميشال نجار فكان محظوظاً في استلام بعض الطائرات التي كانت مطلوبة قبل عهده ولكنه لم يستطع فتح ملف “رسوم الأرضية والعطالة التي أخذت من المواطنين وتجار لبنان في المرفأ وبالدولار” حتى عن يوم 4 آب يوم انفجار مرفأ بيروت بذريعة أن لا صلاحيات تنفيذية له في هذا المرفق المدمر، فهو “مشرف وليس وصياً”. ولا نعلم ما إذا سينجح في تنظيف الأقنية والمجاري على الطرقات العامة تلافياً لحصول فيضانات تنتج من هطول المطر بغزارة خلال فصل الشتاء ويعاني منها المواطن كل سنة.

 

في ملف البيئة والتنمية الإدارية، لم يشهد لبنان سوى تراجع مع الوزير دميانوس قطار، الا في انجاز توقيف سد بسري، الذي يكاد يكون الإنجاز الوحيد في عهد حكومة دياب رغم أن لا علاقة للوزير أو الحكومة به. ويستمر اليوم الوضع البيئي في التدهور، فينتشر الصيد غير الشرعي على عينك يا دولة وتلتهم حرائق متفرقة مساحات شاسعة من لبنان، ولا انجازات تذكر في ملف تلوث الأنهار وفي طليعتها نهر الليطاني، ولا في تلوث مياه البحر أو وصول المياه ملوثة إلى البيوت. وقد انخفض مخزون بحيرة القرعون إلى أقل من 95 مليون متر مكعب وتردت نوعية المياه المستثمرة في توليد الطاقة الكهرومائية حتى بدت مياه حوض الأولي بلون مائل إلى السواد بغطاء كثيف من الخز الأخضر المضر، وعادت مؤخراً أزمة النفايات في كل المحافظات كان آخرها مشاهد تكدس النفايات في حارة حريك كما انتهت القدرة الاستيعابية لمطمر جديدة فعلياً.

 

وزير الداخلية محمد فهمي، اعترف بقتل شخصين والإحتماء برئيس الجمهورية آنذاك، ورسخ الدور البوليسي لقوات الأمن كحماة للنظام القائم في التظاهرات. أما قرارات فتح بلدات ومناطق دون أخرى يفصلها شارع واحد كما لو أن “فيروس كورونا لا يقطع الشارع” بالتزامن مع فتح المدارس فأثار جدلاً كبيراً.

 

أما وزير الزراعة عباس مرتضى ووزير الإقتصاد والتجارة راوول نعمة فقد استفادا من دعم مصرف لبنان للمواد، فبدت إنجازاتهما مع المواطن أكبر من غيرهم. ولكنها انجازات وهمية، فقطاع الزراعة يتجه إلى الزوال والمزارعون يشكون عدم قدرتهم على الزرع ويحذرون من مستقبل أسود أما غلاء الأسعار وعدم قدرة وزارة الإقتصاد على محاسبة المحتكرين أو محاسبة من يذلون المواطن على محطات الوقود فحدث ولا حرج.

 

قطاع الصناعة في لبنان، إلى تراجع مخيف مع تهاوي سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، في حين يعاني الصناعيون من تأخير في عمليات التصدير والإبتزاز في مراحل عدة. أما وزير الصناعة عماد حب الله، فقد نجح في إيهام بعض المواطنين أنه سيتصدى لشركات الاسمنت المخالفة في شكا والهري التي زعم أنها ستعاود العمل بمعايير بيئية. في حين منع ممثلو المجتمع المدني في الكورة من حضور الاجتماع الأخير إلا بشرط توقيعهم على مشروع تعديل الانبعاثات ما يدل على خلل كبير وتواطؤ وسعي الى تشريع مقالع ومصانع الاسمنت المخالفة.

 

وزيرة الإعلام منال عبد الصمد، اخذت دور الفاشونيستا البعيدة عن الواقع والتي تفاجأت بحالة الناس عند مواجهتها لهم مع إحدى القنوات اللبنانية واقتصر دورها على نقل فحوى إجتماعات الحكومة الكثيرة وغير المثمرة. أما في إطار دورها كمعنية بحرية الرأي، فأيدت عقوبة سجن الصحافيين وفي عهدها زادت معدلات قمع الإعلاميين والمصورين فتعرضوا للعنف والضرب والرصاص المطاطي أو المساءلة البعيدة عن الأطر القانونية كما مُنعت قناة إعلامية من دخول بيت الشعب واتجه المجلس الوطني للإعلام نحو فرض رقابته على المواقع الالكترونية بحجة تنظيمها في ظل صمتها التام عن كل هذه الإنتهاكات لحرية الصحافة!… فما كان من الصحافيين إلا أن استبدلوا دورها بتأسيس نقابة بديلة للصحافة بعد أن ضاقوا ذرعاً من هذا الوضع المزري.

 

لم تحاول وزيرة الشباب والرياضة فارتيه أوهانيان، التي اكتشفتُ أنها ما زالت موجودة عند كتابتي هذا المقال، حتى محاولة إلغاء عقود العبودية للاعبي كرة القدم أو العمل على خطة تحمي المحترفين وتجبر أنديتهم على اعطائهم ضماناً أو تأميناً صحياً لهم متذرعة بجائحة كورونا التي قضت على كل نشاط رياضي واتحادي. فجاء توزيرها شبه صوري حتى أنها لم تظهر ولم تستنكر إصابة اللاعب الشهيد محمد عطوي برصاصة طائشة إلى أن تم القاء الضوء على مسألة عدم اكتراثها. كما توفى لاعب كرة القدم السابق عبدالرحمن شبارو بعد مضاعفات من إصابته بفايروس كورونا ولم تستطع عائلته استلام جثته قبل تأمين الأموال في ظل اختفاء الوزيرة عن الصورة رغم كل ما قدمه للبنان.

 

في الأدراج

 

هذا وقد نامت التعيينات القضائية لأشهر عديدة في أدراج وزيرة العدل ماري كلود نجم التي راسلها أيضاً وزير الإقتصاد راوول نعمة كي تفرج عن “محاضر التبليغ” التي يخطها مفتشو وزارة الإقتصاد من أدراج القضاء. كما أنها لم تتخذ أي موقف صارم ومهم من “كسر كلمة القضاء” في تعبيد طريق محمية إهدن في زغرتا بالإسفلت خلافاً لأحكام القضاء ولا من الملاحقات التي جرت في عهدها على خلفيات التعبير عن الرأي وأهمها في قضية المحامي واصف الحركة. قضية تذكّرنا بمعاوني الوزير رمزي مشرفية الذي لم يستطع تحقيق أي انجاز في ملفات الشؤون الإجتماعية التي تغطي المنظمات الحكومية دور الوزارة فيها أو قطاع السياحة الذي بات يشكل نموذجاً حياً لما تعانيه البلاد من تدهور خطير عجز فيه مشرفية حتى الساعة عن لجمه أو حتى العمل على منح المؤسسات إعفاءات ضريبية بعد أن عمد الكثير منها إلى الإقفال الكلي أو الجزئي، وتسريح أعداد من الموظفين، وخفض رواتب الآخرين. كما تم إغلاق ما بين 150 إلى 200 مكتب سفر بسبب الأزمة من أصل حوالى 500 مؤسسة عاملة في هذا المجال.

 

نام أيضاً ملف مكافحة الفساد في الأدراج: ملف الكهرباء وموضوع استيراد الفيول المغشوش وتوقيف الصرافين… وآخرالملفات ملف ينتظره اللبنانيون اسمه “ما الذي أدى إلى انفجار مرفأ بيروت؟”. في ملفات عديدة راهنت حكومة الأخصائيين على المساعدة المجانية من دون مقابل أو تنازل أو قراءة واقعية أو إصلاح سياسي وقضائي وأمني، وافترضت انعدام المصالح الجيوستراتيجية، أما الفشل الكبير فكان في الوصول إلى خواتيم في ملف المالية مع الوزير غازي وزني وبخاصة موضوع التفاوض مع صندوق النقد وخطة التعافي الاقتصادي كشف عنها دياب في إبريل/ نيسان ولم يحدث تقدم يذكر منذ ذلك الحين إذ جمّد صندوق النقد الدولي المفاوضات التي بدأها مع الجانب اللبناني، بانتظار تحديد الخسائر وحجمها في القطاعات كلها وهي نقطة خلاف كبيرة بين المصارف والحكومة أي في صفوف الوفد اللبناني المفاوض، وما زاد الطين بلة كان استقالة عضوين منه!

 

حتى الآن كلفت حكومة حسان دياب كالحكومة السادسة والسبعين بعد الاستقلال والثالثة بعهد الرئيس ميشال عون اللبنانيين على الأقل مبلغ 2 مليار و410 مليون و671 ألف ليرة بعد 9 شهور على عملها، ما لم نحتسب شهر كانون الثاني، إذ تقاضى رئيس مجلس الوزراء حسان دياب وحده 159 مليون و633 ألف ليرة لبنانية بين شهر شباط حتى شهرنا الحالي وتقاضى مجموع الوزراء مبلغ 2 مليار و212 مليون و227 ألف ليرة لبنانية (116 مليون و433 ألف ليرة للوزير الواحد) إضافة إلى مبلغ 38 مليون و811 ألف ليرة لبنانية للوزير شربل وهبة الذي عُين في 3 آب تضاف إلى المجموع!

 

في الختام، يبدو أن الحكومة التي كان مفترضاً أن تقوم على التقشف في المصاريف الرسمية والإدارية، خضعت في النهاية إلى الثنائي الشيعي وترضية فريق رئاسة الجمهورية وجاءت مثقلة بالمحسوبيات وأثبتت أنها كانت حكومة تصدير للأزمة، فهل سيختلف الأمر مع الحكومة المرتقبة؟