Site icon IMLebanon

حسّان دياب لن يعتذر

 

مثيراً للاستغراب بدا بيان “كتلة المستقبل”، التي عقدت اجتماعاً أمس برئاسة النائبة بهية الحريري في “بيت الوسط”، حين نبهت إلى المعلومات المتداولة “عن محاولات وضع اليد مجدداً على الثلث المعطل وعن دخول جهات نافذة من زمن الوصاية، على خطوط التأليف والتوزير واقتراح اسماء مكشوفة بخلفياتها الأمنية والسياسية، الأمر الذي يشي بوجود مخططات متنامية لتكرار تجربة العام 1998 وسياساتها الكيدية”.

 

أسباب الاستغراب تنمّ عن كون البيان يأتي في غير سياقه الطبيعي، ذلك لأن “كتلة المستقبل” تتجه للجلوس إلى صفوف المعارضة، بينما البيان يظهر وكأنّها مشاركة في طبخة التأليف، وغير راضية عن هذه المجريات، ما دفعها لـ”الشكوى” من الهيمنة على الثلث المعطّل في حكومة “مرذولة” بالنسبة إلى الحريريين، يفترض أنّهم ينتظروها على الكوع كي يرجموها بالحجارة.

 

كيف لا، وقد عادت لغة قطع الطرقات إلى قاموس المعترضين والمحتجين، الذين عادوا من عطلة الأعياد، ليستعيدوا زخمهم الاحتجاجي عبر اشعال الإطارات واقفال الطرقات لا سيما في الشمال والبقاع.

 

أما القسم الثاني من التنبيه، فيتصل بخشية “المستقبل” من أن تكون حكومة حسّان دياب منصة لقرارات “انتقامية” بحق “الحريريين” أسوة بما حصل في حكومة الرئيس اميل لحود الأولى.

 

رغم ذلك، يصرّ أحد نواب “كتلة المستقبل” على أنّ فريقه السياسي لا يزال يلتزم موقع المراقب، بانتظار خروج تشكيلة حسن دياب إلى الضوء ليبنى على الشيء مقتضاه. ولكن في هذه الأثناء، لا يتردد النائب ذاته في الإشارة إلى أنّ رئيس الحكومة المكلف يُحسن التصرف من خلال احترام الصلاحيات الممنوحة له في الدستور، والحؤول دون المسّ بها من بقية شركائه الحكوميين، ولكن هذا لا يعني أنّ “المستقبل” قرر العودة إلى “مدرّجات” الموالاة، لكنه في هذه اللحظة يفضّل المراقبة ورصد سلوك رئيس الحكومة، وما يهمه هو عدم تجاوز صلاحياته. ولذا كان التنبيه من “خطورة” الاستيلاء على الثلث المعطل، ولا بدّ من “مساندة” رئيس الحكومة في تمسكه بالدستور وحمايته لصلاحياته.

 

ومقابل غسل “المستقبل” يديه من مشروع “شيطنة” رئيس الحكومة المكلف حسّان دياب، يؤكد هؤلاء أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، رفض الخوض في مناقشة أي من الاسماء المتداولة لدخول الحكومة، لا سلباً ولا ايجاباً. ولكن في الوقت عينه، يجزم هؤلاء أنّ “تيار المستقبل” لم يتخذ أي قرار مركزي بالنزول إلى الشارع، أقله حتى اللحظة، وكل مظاهر الاعتراض في مناطق نفوذه هي بمبادرات فردية، لا أكثر.

 

في هذه الأثناء عادت الأسئلة “الصعبة” تحوم فوق ضفّة التأليف: هل لا يزال حسّان دياب “رجل المرحلة” أم أن هناك من يحاول البحث عن “كاميكاز” جديد، يتولى الدفة في ضوء التحديات الاقليمية التي فرضت نفسها على جدول أعمال لبنان؟ هل لا يزال خيار حكومة الاختصاصيين مناسباً لما يحصل خلف الحدود وقد يتسلل إلى الداخل اللبناني؟ ولماذا هذا التأخير في ولادة حكومة كان ينتظر أن تكون ولادتها الأسرع تاريخياً؟

 

عملياً، طغت الايجابية على لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون مع رئيس الحكومة المكلف، وإن لم ينته إلى تلاوة مراسيم تشكيل الحكومة، ولكن يبدو وفق المطلعين على موقف قصر بعبدا، أنّ المشاورات قطعت شوطاً بارزاً باتجاه تأليف حكومة من 18 اختصاصياً، بشكل ينسف أي تأثير للتطورات الاقليمية على شكل الحكومة وطبيعتها وعديدها ودورها.

 

إذ يشير المطلعون إلى أنّ الحكومة العتيدة لن تكون حكومة مواجهة مع أي فريق محلي أو خارجي، حيث لا يزال الاتفاق المعمول مع دياب حول تأليف حكومة اختصاصيين، ساري المفعول، ما ينفي كل الشائعات التي سرت خلال الساعات الماضية حول نيّته الاعتذار عن التكليف.

 

وفيما سرت معلومات عن نيّة دياب توسيع دائرة اتصالاته قبيل تقديم صيغته النهائية لرئيس الجمهورية، فقد تبيّن أنّ لقاء بعبدا أفضى الى حلّ عقدة الخارجية من خلال إسناد حقيبة الاقتصاد إلى دميانوس قطّار، بينما سيعود رئيس الحكومة المكلف إلى “التيار الوطني الحر” للتفاهم معه حول اسم الشخص الذي ستسند إليه حقيبة الطاقة.

 

ورغم تكتم المطلعين على موقف دياب عن تفاصيل مشاوراته مع الرئيس عون، إلا أنهم جزموا أنّ رئيس الحكومة المكلف ليس في وارد الاعتذار وأنه لا يزال مصراً على تأليف حكومة من 18 اختصاصياً.