Site icon IMLebanon

حسّان دياب… رئيس حكومة مع وقف التنفيذ!

 

هذا ما دار بين الحريري وحسين الخليل

 

بكثير من الثقة، المثيرة للجدل، أطلّ رئيس الحكومة المكلف حسان دياب من على منبر قصر بعبدا. إطلالته الأولى بدت مناقضة للظروف الصعبة والدقيقة التي تحيط بخيار تكليفه. حاول تقديم خريطة طريق لولايته المثقلة بالحواجز والعقبات، موحياً بأنّ تسميته عبرت معمودية “المناورات” من دون انضمام ترشيحه إلى “قافلة المحروقين”.

 

لكن الرجل المسحوب اسمه من الدفاتر العتيقة، يتصرف وكأنّ حكومته ستبصر النور رغم كل المعوقات. وكأنّ خطته الانقاذية في الجيب ولا تحتاج سوى لبعض جلسات مجلس وزراء لتتحوّل إلى قرارات فاعلة وملزمة.

 

الأهم من ذلك، أنّ هذه الاطلالة، لا تشبه أبداً الانطباع الذي تركه في رصيده الشخصي حين سمي وزيراً للتربية في حكومة نجيب ميقاتي. ولا تتطابق مع واقع وصف حكومته بحكومة “حزب الله”… وللمصادفة، أسوةً بوصف حكومة ميقاتي التي أبصرت النور في 13 حزيران في العام 2011. تلك الحكومة حفرت في الذاكرة بفعل “وصفها” العابر للقارات. لكن وزير تربيتها، خرج منها كما دخلها، بهدوء مطلق.

 

للتأكّد، يكفي القيام بجولة سريعة على موقع يوتيوب بحثاً عن مقابلة أدلى بها الرئيس المكلف، ليتبيّن أنّ الرجل لم يحضر خلال مسيرته الوزارية في عالم المرئي إلا من خلال دردشات مقتضبة لا تتخطى مدتها الدقيقتين، يتحدث خلالها عن اقفال المدارس بسبب قدوم العاصفة “أولغا”!

 

إذاً، للرجل بصمته. فقد سبق الياس بوصعب في كسب قلوب التلامذة مبتكراً “بدعة” إقفال المدارس بحجة الطقس! وفي لقطة نادرة أخرى، يصف دياب نفسه بأنّه غير محبّ للكلام. وفعلاً، لا يتذكر زملاؤه أنّه كان محباً للمساجلة في مجلس الوزراء. في المقابل يشير إلى أنه يفضّل العمل. وهنا يؤخذ عليه، بأنّه لم ينجح في ترك بصمة جليّة تختزل ولايته في وزارة التربية. ومع ذلك، فقد نشر كتيّباً يوثق “إنجازاته” في الوزارة بكلفة يقال إنّها بلغت أكثر من سبعين مليون ليرة.

 

ورغم ذلك، يلفت دياب في سيرته الذاتية المنشورة على حسابه عبر موقع “لينكدإن” إلى أنّه “تمكن خلال توليه الوزارة وبموازنة سنوية تبلغ حوالى مليار دولار، من تحقيق عدد غير مسبوق من الإنجازات، وبعضها يتحقق للمرة الأولى في تاريخ الوزارة”.

 

ولكن في المقابل، ثمة من يقول إنّ صفات دياب الشخصية تطغى على ما عداها. آدمي، عصامي، جدي، وخلوق. ويخبئ خلف هدوئه وميله إلى المسايرة والديبلوماسية في التعاطي، قدرة على المواجهة السياسية. وهو الذي فضّل طوال ولايته الوزارية، النأي بنفسه عن وحول السياسة، محتمياً بـ”المظلة الأكاديمية”. يؤكد أحد أصدقائه أنّه من طينة الأشخاص المنهجيين، القادرين على وضع خطط وتنفيذها. وهذا هو المطلوب في هذه المرحلة بالذات.

 

خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، اشتغلت محركات البحث تفتيشاً عن تفاصيل سيرة المرشح الجديد لرئاسة الحكومة، خصوصاً وأنّه من خارج النادي التقليدي للسياسيين بشكل عام، وللمرشحين لرئاسة الحكومة بشكل خاص.

 

هو الذي دخل النادي الوزاري من بوابة ميقاتي بعدما جمعهما مجلس أمناء الجامعة الأميركية، من حيث اختاره القطب الطرابلسي ليكون شريكه السني في “حكومة الثامن من آذار”. لكن ميقاتي كان أول من أنكره “قبل صياح الاستشارات”، رافضاً منحه أصوات كتلته النيابية لمصلحة “اللا أحد”. وهنا يقول أحد أصدقاء دياب إنّ أسباب فشله في تحقيق الانجازات في سجله الوزاري يعود إلى خلافات وقعت بينه وبين رئيس حكومته.

 

إنطلق اسمه فجأة في سماء التكليف، بعدما فاجأ رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري اللبنانيين ببيان عزوفه الثاني، ليترك مسرح التسميات من دون إشعال الضوء الأخضر لمصلحة أي بديل له. تقول الرواية إنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري استفاض شرحاً خلال لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال بعدما عاتبه على تفويت فرصة تسميته يوم الاثنين، مؤكداً أمامه أنّ الميثاقية ليست شرطاً ضرورياً في هذه الحالة وأنّ مسار التأليف قد يعوّضها. فردّ الحريري أنّه معنوياً لم يقبلها على نفسه. وطلب منه بري أن يفكر مجدداً بالموضوع بالتوازي مع العمل لحلحلة العقد مع “التيار الوطني الحر”. غادر الحريري عين التينة على أساس أنه سيفكر في الموضوع ليردّ “خبراً” في وقت لاحق.

 

وتفيد المعلومات، أنّه على أثر هذا “التشجيع” قصد المعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” الحاج حسين الخليل الرئيس الحريري والتقاه بشكل مباشر، ليعرف ما هو موقفه قبل الموعد الجديد للتأليف. وإذ به يتفاجأ برئيس “تيار المستقبل” يبلغه صراحة أنّه غير قادر على السير بمشروع ترئيسه بهذه الطريقة وأنّه غير قادر على التفاهم مع “التيار الوطني الحر” ولذا يفضّل الاعتذار.

 

طالبه الخليل باسم ثان لكنه امتنع عن تزكية بديل عنه. فرد عليه الضيف إنّ رئيس الجمهورية أخرج من على مقاعد الاحتياط، اسم الوزير السابق حسان دياب. فردّ الحريري، وفق رواية مصادر الثنائي الشيعي، قائلاً إنّ دياب “كويّس” وهو لا يمانع في وصوله إلى السراي لكنه سيمتنع عن تسميته “على أن يسانده في المقابل ويقدّم له الدعم”.