Site icon IMLebanon

لقاح الوزير “بالتوقيت المناسب”

 

لن نزيد على هموم وزير الصحة همَّ الرد على منتقدي ترؤسه وليمة تحتاج مَقامةً هَمذانيةً مَضيريةً تصف ما لذّ وطاب فيها من كرم بعلبكي، بل نوَدُّ شكره على قبوله ممالحة الحضور قرب صورة للزعيم الاستقلالي رياض الصلح، فيما أمضى أمينه العام ثلاث ساعات على “الميادين” محاطاً بصور ثلاثة قادة ايرانيين بلا أدنى رائحة لعَلم لبناني او طيف لرئيس جمهورية كان انتعشَ لو أرضاه بصورة الى جانب الخامنئي.

 

أهمُّ من واجب عدم التمظهر والتلذذ بالإسراف، في وقت يطوي بعض اللبنانيين الليالي من غير رغيف، يُفترض بالوزير الحصيف ان يكون قدوة في التزام الاجراءات والتباعد الاجتماعي فيما هو نفسه يحذّر من انتشار مخيف لوباء “الكوفيد”. لكن السلوك الاجتماعي للوزير، من الحمْل على الأكتاف والرقص بالسيف حتى الغداء الأخير، ليس بيت القصيد. فما يجب ان يحاسَب عليه حمد حسن هو انقضاء عام كامل على الجائحة من غير ان نتحسّب للكارثة فيما كنا نعلم يقيناً ان الفيروس الى مزيد من الانتشار وأن المستشفيات ستحتاج أسِرَّة اضافية وتستجدي آلات اوكسيجين.

 

حلَّ السرد والكلام المرسل بديلاً من الأفعال، وخيضت المعركة مع الوباء بالسياسة وليس بالتنظيم. والأمر ليس تهمة أو تجنياً بلا دليل. فطوارئ المستشفيات تئن من الازدحام وعدم القدرة على تلبية المصابين، وها نحن بعيدون عن اللقاح ونتتبع تواقيع فخامته ومعاليه ومناقشات الوزير التي لا تنتهي مع شركة “فايزر” إضافة الى ثرثرات واجتماعات وتذرع باجراءات البنك الدولي… ثم، فإننا شاهدنا بأم العين المستشفى الميداني القطري جثةً تحت مدارج المدينة الرياضية بانتظار حل خلاف التنافس عند “الثنائي الشيعي”.

 

لن ندخل في تفاصيل عدائية الوزير للقطاع الخاص وتكبّره عليه وعدم رغبته في الشراكة معه لمواجهة جائحة تلقي بخطرها على الجميع، لكنه يتحمل بالتضامن والتكافل مع سائر المنظومة الحاكمة مسؤولية التضحية بحياة اللبنانيين عبر الفشل والاستهتار مثلما يتحمل أهل المنظومة نفسها مسؤولية تفجير المرفأ ومقتل مئتي مواطن، على الأقل بتهمة التقصير.

 

أسوأ ما يمكن حصوله هو ان يمارس الوزير حسن ازاء اللقاح وتوقيت استقدامه الى لبنان ما يحلو لحزبه ومن ورائه ايران تسميته بـ”الصبر الاستراتيجي” أو نظرية “حياكة السجاد” العجمي. فيفاوض الشركات في الضوء ووضح النهار فيما قرارات التراخيص والموافقات مكانُها الغرف السوداء والكواليس. والأسوأ، ان يتجاهل ما انجزه اشقاؤنا الخليجيون من تقدم في التلقيح، ويشيح بنظره عن احتلال اسرائيل المرتبة الاولى في تحصين مواطنيها.

 

ماذا لديك معالي الوزير للرد؟ لا داعي للهلع؟ أم ستقيم مأدبة عرمرمية “تُثني على الحضارة وتَشهد لمُعاوية بالإمامة” تدعو اليها من أخذوا الحصانة من “مناعة القطيع”؟ ام انك ستشتري اللقاح وتحقنه بمواطنيك “بالتوقيت والمكان المناسبين”؟ إنها جائحة لا تمشي معها سياسات التأجيل والبهورات والألاعيب.