IMLebanon

المعركة مستمرة

 

 

ظهر واضحاً أن ما يمكن تسميته بالخلاف بين رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من جهة و”حزب الله” من جهة ثانية ما هو إلا تفصيل صغير بالنسبة للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، والدليل على ذلك أن الحديث في هذا الموضوع لم يستغرق من السيد سوى دقيقتين لم يقل فيهما أي شيء جديد، فتأييده للحوار ليس بمفاجأة واستعداده للنقاش في تفاهم قاعة كنيسة مار مخايل قيل سابقاً مرات عديدة من قبل أكثر من مسؤول في الحزب ولكن العبرة تبقى في التطبيق والنتيجة.

 

في خطاب السيد نصرالله في الذكرى الثانية لإغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، لم يراع السيد ما كان قد عبر عنه الرئيس عون لجهة العلاقة مع الدول العربية، ففي كلمة المصارحة التي وجهها إلى اللبنانيين في 27 كانون الأول الماضي قال عون “أرغب بأفضل العلاقات مع الدول العربية ودول الخليج ولكن ما هو المبرر لتوتير العلاقات مع هذه الدول والتدخل في شؤون لا تعنينا؟” وقد أتى الرد من قبل الأمين العام لـ”حزب الله” هجوماً عنيفاً ضد المملكة وقيادتها زاد من منسوب التوتر في هذه العلاقات وأعاد تسليط الضوء على اللبنانيين ومصالحهم في دول الخليج وفي المملكة العربية السعودية تحديداً وكأن هناك من يعمل عن سابق تصور وتصميم لإبقاء هذه العلاقات متوترة وأن يدفع الثمن لبنانيون يعيشون هناك ويعيلون في لبنان مئات الآلاف في ظروف اقتصادية معيشية صعبة، فيراد لهم جميعاً أن يعيشوا في ضائقة وفقر وحاجة ماسة لكل شيء تفقدهم كرامة العيش ومتعة الحياة.

 

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أدرك هذا الواقع الأليم ومن هنا أتى بيانه الذي يمكن القول بأنه خرق سقوفاً لم تخرق من قبل في الخلاف مع “حزب الله”، فلم يكتف بالقول بأن موقف الحزب لا يمثل الحكومة اللبنانية، بل ذهب إلى حد التشكيك بالإنتماء اللبناني لـ”حزب الله” عندما قال: “وفيما نحن ننادي بأن يكون “حزب الله” جزءاً من الحالة اللبنانية المتنوعة ولبناني الانتماء، تخالف قيادته هذا التوجه بمواقف تسيء الى اللبنانيين اولاً والى علاقات لبنان مع اشقائه ثانياً.

 

إننا نكرر دعوتنا للجميع للرأفة بهذا الوطن وابعاده عن المهاترات التي لا طائل منها، بالله عليكم إرحموا لبنان واللبنانيين واوقفوا الشحن السياسي والطائفي البغيض”.

 

في المقابل حاول رئيس الجمهورية ميشال عون إمساك العصا من وسطها في محاولة للتوازن بين موقفه من العلاقات مع دول الخليج من جهة وعلاقته بـ”حزب الله” من جهة ثانية ولذلك ابدى حرصه “على علاقات لبنان العربية والدولية، لا سيما منها دول الخليج العربي وفي مقدمها المملكة العربية السعودية”.

 

ولفت الى “ان هذا الحرص يجب ان يكون متبادلاً لانه من مصلحة لبنان والدول الخليجية على حد سواء”، وقد أراد الرئيس عون في هذه العبارة الأخيرة أن يلفت إلى وصف العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، “حزب الله” بأنه “حزب إرهابي”.

 

هجوم الرئيس ميقاتي ومحاولة التوازن في الموقف من قبل رئاسة الجمهورية لن يغيرا في مواقف “حزب الله” من المملكة العربية السعودية، فالموضوع بالنسبة للحزب ليس العلاقة الثنائية بين لبنان والمملكة ومصالح اللبنانيين هناك، فهذا الموضوع تتقدم عليه بأشواط في أجندة الحزب العلاقة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والسعودية والمصالح الإيرانية في الإقليم وإلى أي مدى تساهم المملكة في عرقلة هذه المصالح ومواجهتها وهنا المعركة الأساسية لـ”حزب الله” وهي مستمرة.