“اللقاء الثلاثي المقاوم” أبلغ كلام ما ينتظره المشاهدون منه حدود الحرب وتوسّعها… وهذا من أسرارها!
شكلت الصورة التي جمعت الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مع الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي زياد نخالة ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العروري، ردا على كل المزاعم والاقاويل والتشكيك الذي قيل عن صمت السيد نصرالله، او عدم مشاركة المقاومة في لبنان بما هو متوقع منها لمساندة المقاومة في غزة، لا سيما بعد ان ظهر القيادي في حماس خالد مشعل، وطلب المزيد من حضور حزب الله في الميدان.
كل ذلك، ولم يصدر اي كلام عن حزب الله، الذي تقول مصادر قيادية فيه، انه ليس مضطراً ان يعلن عن مواقفه عند كل تصريح، والتي يعبر عنها السيد حسن نصرالله في الوقت المناسب، وهو لا يرى ضرورة ان يظهر ليتحدث عن معركة وجودية تخوضها حماس وفصائل فلسطينية في غزة، وقد قامت العلاقات الاعلامية في حزب الله التي يديرها الحاج محمد عفيف بواجباتها باصدار البيانات عندما تقتضي الحاجة، كمثل اعلان موقف مؤيد ومقدّر وداعم لعملية “طوفان الاقصى”، التي قامت بها حماس في 7 تشرين الاول الحالي.
فالكلام المفيد هو الذي يصدر عن حزب الله تقول المصادر، وان السيد نصرالله يظهر في الاعلام عندما يرى ان هناك ضرورة لذلك، فهذه المعركة تخوضها حماس والمقاومة في غزة وفلسطين، وان المقاومة في لبنان لم تقصّر منذ اليوم الاول للحرب العدوانية على غزة، فحضرت في الميدان على الجبهة في الجنوب مع العدو الاسرائيلي، وتعاملت معه بما تقتضي ظروف المواجهة، التي اثمرت عن اخلاء العدو للمستوطنات على مدى 7 كلم من الحدود مع لبنان، ثم باستنفار 3 فرق عسكرية بما يوازي ما بين 150 و200 الف ضابط وجندي، اضافة الى كتائب المدرعات والآليات، وهذا يشتت القوة العسكرية للعدو الاسرائيلي.
فالفعل المقاوم هو ابلغ من الكلام احيانا، وهو يعبر عن موقع حزب الله ، ولا يحتاج ذلك الى ان يتحدث السيد نصرالله الذي يتابع الحرب على غزة بتفاصيلها، ويواكب المقاومين في الجنوب وفي كل مكان يوجدون فيه، ويتابع الحركة السياسية والديبلوماسية، ويعاونه في ذلك قادة في الحزب الذي هو في حالة جهوزية تامة لاي تطور يحصل في غزة، واكدت المصادر ان التنسيق قائم ما بين ساحات المقاومة ووحدتها، وما اللقاء ما بين السيد نصرالله ونخالة والعروري الا تأكيد على هذه الوحدة، وهو ليس اللقاء الاول، فقد حصل لقاء قبل نحو اكثر من شهرين، وتم توزيع خبر اللقاء مع الصورة، في رسالة واضحة الى العدو الاسرائيلي، ولمن يهمه ان المقاومة واحدة في محور يمتد من صنعاء الى فلسطين ولبنان وسوريا والعراق، وصولا الى ايران الحاضنة لهذا المحور.
واربك صمت السيد نصرالله العدو الاسرائيلي، كما اطراف عربية واقليمية ودولية، فجاء اللقاء الثلاثي المقاوم ليدحض ما قيل ويقال، ليؤكد الامين العام لحزب الله: انا هنا في الصورة مع نخالة والعاروري، اي في المقاومة الواحدة، حيث يخوض حزب الله في الجنوب المعركة بما يخدم محور المقاومة، ويدافع عن لبنان، ويردع العدو الاسرائيلي عن القيام باي عدوان، كما فعل في صيف 2006، وقد وضعت المقاومة نفسها في اعلى حالة من الجهوزية، اذا قرر العدو فتح “جبهته الشمالية” مع لبنان، عندئذ يطل السيد نصرالله ويعلن عن موقفه، كما فعل مع بدء العدوان الاسرايلي على لبنان في 12 تموز 2006، بعد ساعات من اعلان السيد نصرالله عن اسر جنديين “اسرائيليين” عند السياج الحدودي مع بلدة عيتا الشعب، ثم اطل السيد نصرالله في 14 تموز، بعد يومين من الحرب، ليعلن عن قصف البارجة “الاسرائيلية ساعر”، وقال حينها في لحظة قصفها: “انظروا اليها في البحر انها تحترق”. وهذا ما حصل، وشكلت هذه العملية النوعية رفعا للمعنويات، والامساك بوجهة الحرب، كما تريدها المقاومة وعلى توقيتها.
ثم تتالت اطلالات السيد نصرالله الاعلامية كلما تطورت الحرب، وعند كل عملية عسكرية، لتوجيه رسائل الى العدو الاسرائيلي، كما الى حلفائه وداعميه من اميركا الى دول غربية، وكانت احدى اطلالاته عندما تحدث عن قصف حيفا وما بعد بعد حيفا، وان قصف بيروت يقابله قصف “تل ابيب”.
فوحدة ساحات المقاومة تكرّست، والمقاومة في لبنان انخرطت فيها، وتخوض معارك مواجهة، التي يقوم الاعلام الحزبي في المقاومة بتوثيقها وتوزيعها على وسائل الاعلام التي تتناقلها، في تأكيد على ان المقاومة تشتبك مع جيش الاحتلال في مواقعه على طول خطوط التماس من الناقورة الى تلال كفرشوبا ومزارع شبعا، وهذا من ضمن قواعد اشتباك وضعتها المقاومة، وفق خياراتها وظروف تطور المعركة في غزة.
فمن ينتظر ان يتحدث السيد نصرالله، فلانه يريد ان يعرف حدود المعركة، هل تبقى محصورة في رقعة جغرافية محددة ام تتوسع؟ وهل سيتكرر ما حصل اثناء العدوان الاسرائيلي صيف 2006، من دمار في حرب دامت 33 يوما، وهذا ما يحصل في غزة الآن، وحصل في حروب سابقة في اعوام 2008 و2014 و2021؟
فلكل حرب اسرار ومفاجآت ومباغتات، وهذا ما حصل في عملية “طوفان الاقصى”، ولا يمكن للسيد نصرالله، ان يعلن موقفه من اجل الموقف، فهو عنده ثابتة وهي ردع العدو الاسرائيلي، الذي قد تكون المعركة هذه المرة اذا توسعت تجاه الجليل، والقصف في بنك اهداف، سيكون موجعا.