Site icon IMLebanon

بين الكربلائيَّـتين

 

تُحبُّـهُ أوْ لا تحبَّـه، تعرفُه أوْ لا تعرفُه، تؤَّيُده أوْ تعارضُه لكنّك لا تستطيع إلاّ أنْ تُعجَبَ بشخصيته، بدوره وقيادته وشجاعته ووقفاته المنبريّـة، فهو يجذبُك إليهِ مِن حيثُ شِئتَ أو لم تشأ.

 

الشهيد الأكبر على طريق القدس السيد حسن نصرالله، هو سيّـدٌ من أسياد أهل البيت، وسيدٌ من اسياد أهل الجهاد، يكتب الكلمات على أسنةِ الرماح، لا تمنْعـهُ إشارة حمراء مكتوب عليها ممنوع المرور، كمثل من يحبُّ أن يموت ولا يموت.

 

بغضِّ النظر عمّا كان لي من لقاءات حميمة مع السيّد الشهيد، حتى إنّ المرشد الإيراني الأعلى الخامنئي شاء أن يكون لي معه لقاءٌ شعريّ حول قصائد أهل البيت إلّا أنّ الموضوع يتخطّى الخصوصيات وأنت تُعطي الشهيد حقَّـه التاريخي.

 

أما الإنخراط في جبهة الحرب إسناداً لغـزّة، فهو موضوع مرتبك يطرح تساؤلات لا تزال الضبابيةُ ومهابةُ الحدث تفرض حياله الصمْت: والصمتُ أحياناً يكون جواباً.

نعم… كانت هناك إشكالية بارزةٌ تتعلق بالموقف الإيراني وقد بـدا في كثير من الحالات متناقضاً مع ذاته.. هل تخلّت إيران عن المقاومة…؟

 

وحيال حـدّة الشكوك كان هجوم المئتي صاروخ إيراني على إسرائيل بهدف «الإنتقام « للشهيدين هنيـة ونصرالله». ليس المهمّ أنْ يكون الهجوم فعّالاً أو غير فعّال، بقدر ما تحوّل إلى حرب عضلات بين إيران وإسرائيل، كلُّ يهدّد الآخر بـردٍّ مدمِّـر، حتى إذا توقف أحدهما عن الـردّ المضاد يُعتبر منهزماً حربياً، سواء وقعتِ الحرب أو لمْ تقع.

 

مشكلة الجانب الإيراني في أنَّـه يضَعُ يـدهُ على زناد الصواريخ، وقلبه على المفاعل النووي والمنشآت النفطية، من هنا، أن الرسالة الإيرانية الصاروخية إلى إسرائيل على ما أدّت إليه، كانت رسالة تهدئة وليست رسالة حرب، إذ اقتصرت على قتيل واحد صودف أيضاً أن كان فلسطينياً.

 

هل نحن إذاً، نواجه أبواب حرب مفتوحة من شأنها تحقيق توازنٍ إقليمي جديد في المنطقة، عبَّر عنه نتنياهو بغلوٍّ إستكباريّ فاجر، حين خاطب الشعب الإيراني بالقول: «إيران لا تهتم بمستقبلكم، إنَّ إسرائيل تقف إلى جانبكم وقريباً ستكون إيران حـرّة …»

 

إذا شئنا أن ننقل كلاماً عن لسان محامي الشيطان: بأنّ النفوذ الإيراني العسكري المتمدّد في المنطقة أخذ يهدّدُ شتى المصالح الدولية حتى بات التصدّي له مطلباً أميركياً أوروبياً معاً.

وفيما يتداول بعضهم ما جاء على لسان المرشد الإيراني في أعقاب إغتيال السيّد «بأنّ» مصير المنطقة ستقرّره المقاومة وعلى رأسها حزب الله …»

 

فهذا يعني أنّ إيران ستنخرط مع المقاومة في معادلة الصراع بينها وبين القوى الدولية وأكاد أقول العربية حول مصير المنطقة.

هل، يضيرُ لبنان أن يتكلّم المرشد باسم لبنان «بأنّ المقاومة ستستمر، ولبنان سيجعل العدوّ نادماً …» ما دامت المقاومة لا تزال تمتلك قـوّة رادعة تسجّل بها بسالةَ جولات.

 

ولكن، أن تستمر مسيرة المقاومة لإسناد غـزّة في لبنان …

وأن يستمر نتنياهو في لبنان بتصفية المقاومة …

فإنّ الإستمرار في الإسناد من دون إسناد الإسناد في الميدان قد يؤدي إلى استمرار التدمير والإستشهاد والقضاء على ما ومن تبقى.

 

إذا كان العدو الإسرائيلي يتذرّع بأنّه يقاتل حزب الله في لبنان ولا يقاتل اللبنانيين، أليس أنَّ إرسال الجيش إلى الجنوب بأيّ صيغةٍ كانت من شأنه إسقاطُ هذه الذريعة فيصبح لبنان كلّه البيئة الحاضنة للجيش، ويصبح على إسرائيل أن تقاتل المقاومة اللبنانية لا المقاومة الإسلامية ولا القاعدة العسكرية الإيرانية في لبنان … والأمر إذ ذاك يصبح مختلفاً على الصعيد المحلي كما على الصعيد الدولي.

 

نحن في مفصل تاريخي نتعرّض فيه لكل شظايا التاريخ فلا بـدَّ معه من الوقوف حيال القرار الوطني الشيعي.

 

وكمثل ما كان في كربلائية الحسين إنقاذٌ للدعوة والدين، نرجو أن تكون في كربلائية الحسن دعوةُ لإنقاذ لبنان.