قد تكون هذه المرّة من أكثر المرات التي يكون فيها السيّد مأزوماً، والسبب بسيط هو أنّ ما يطلبه من آية الله خامنئي المرشد الأعلى في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أي الولي الفقيه الذي وصف في خطاب له منذ أيام الحراك والثورة في العراق وفي لبنان بأنهما حالتا شغب، كما وصف أعمال المعترضين والثوار الذين ولأول مرة في تاريخ لبنان يصل عددهم الى نحو المليونين من المتظاهرين، وأضاف يجب قمعهم! لم يكتفِ آية الله خامنئي بذلك فقام بإرسال اللواء قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الى بغداد ليجتمع مع القيادات الأمنية التي كنت تنتظر الإجتماع مع رئيس الوزراء العراقي ففوجئت بوصول سليماني.
ومن أسباب القلق عند السيّد التظاهرات والإعتصامات في «داره»، أي في الجنوب والبقاع: صور والنبطية وكفررمان وبعلبك…
نعود الى خطاب السيّد نصرالله لنتوقف عند بعض المحطات فيه:
المحطة الأولى: يقول السيّد إنّ «حزب الله» اليوم أقوى من أي وقت مضى ولا أظن أنّه يوجد لبناني واحد لا يريد إلاّ أن يكون «حزب الله» قوياً ولكن على مَن؟ طبعاً على إسرائيل، وهنا سؤال: منذ العام ٢٠٠٦ وحرب «لو كنت أعلم»… منذ ذلك التاريخ وإلى يومنا هذا نسأل السيّد: هل أطلق «حزب الله» طلقة واحدة ضد إسرائيل؟ وبدلاً من ذلك فإنه استعمل هذه القوة في سوريا ليقتل الشعب السوري حفاظاً على كرسي بشار الأسد، كما استعملها في اليمن أيضاً لقتل الشعب اليمني ليناصر الحوثيين ضد الشعب اليمني.
المحطة الثانية: يقول السيّد إننا لم نتسلم أي وزارة حساسة أو مهمة (وهذا كلام صادق) وبالتالي فإننا غير مسؤولين عن أعمال الحكومات ولكن هذا غير دقيق لسبب بسيط وهو من عطل انتخاب رئيس للجمهورية لمدة سنتين ونصف السنة، من هو المسؤول؟ وإذا كان «حزب الله» غير مسؤول فلماذا أقفل المجلس النيابي ومنع النواب من النزول الى ساحة النجمة عند تكرار دعوة الرئيس نبيه بري الى عقد جلسات إنتخاب رئيس للجمهورية؟ هذه أليْس مسؤولاً عنها «حزب الله»؟
المحطة الثالثة: الإتهام الموجه الى الثورة بأنها مموّلة ومدعومة من أميركا وإسرائيل وبعض الدول العربية المعادية للمقاومة.
وهنا نقول إنّ شعار هذه الثورة هو العَلَم اللبناني، سقطت كل الأحزاب، سقطت كل الشعارات الدينية، ولم يتحدث مواطن واحد بالطائفية، وكنت لا تعرف في التظاهرات من هو مسلم ومن هو مسيحي، وهذه هي المرة الأولى وبهذا العدد تكون التظاهرات هكذا… والأكيد أيضاً أنه بالرغم من محاولة التعرّض للمتظاهرين بالضرب والقمع بقي المتظاهرون صامدين ولم تستطع أي قوة أن تنال منهم… وهنا أستعيد قول الشاعر التونسي الراحل أبو القاسم الشابي:
«إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر».
المحطة الرابعة: حول نزاهة الثورة الشعبية، كما قلنا، إنها أول وأكبر ثورة نزيهة في تاريخ لبنان، الكلام الذي صدر عن الجميع كان: «كلنا للوطن».
أما ما كان يعبّر عنه المواطنون بالنسبة للهدر والفساد والسرقة والكهرباء التي كبدت الخزينة نصف الدين الذي وصل الى ٩٠ مليار دولار فنسأل السيّد: من هم الوزراء الذين تولوا هذه الوزارة منذ إقصاء الوزير جورج افرام وتسلم الوزير إيلي حبيقة وإلى يومنا هذا؟!.
أخيراً، الله يحمي الثورة ويحمي لبنان واللبنانيين.