يمكن اختصار حديث السيّد حسن نصرالله المتلفز أوّل من أمس، بأنه رسالة واضحة وصريحة، عنوانها البارز «الأمر لي»… وبمعنى أدق، يريد السيّد حسن القول: «أنا أعيّـن رئيس الجمهورية، وأعيّـن رئيس الحكومة، وأعيّـن رئيس المجلس النيابي… كما أعيّـن الوزراء والنواب… وباختصار أكثر… أنا الحاكم الأوّل والأوحد في هذه الدولة… والدليل على ذلك انني صمّمت على انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية، وعطّلت البلد لمدة عامين ونصف العام… وأنا أردّد الجملة نفسها: عون أو لا رئيس… مهما طال الزمن»!!
وتحقّق قول السيّد حسن، وانتخب ميشال عون رئيساً للجمهورية بعد فترة تعطيل لكل المؤسّسات، ولمدّة طويلة (عامان ونصف من التعطيل)… لكنّ رغبة السيّد تحققت وتحقق الأمر.
أمّا بالنسبة لرئيس الحكومة وتسمية أفرادها، فالأمر للسيّد حسن في «ترتيب» الأمور… لقد ترك الرئيس عون وصهره المدلّل، يعطّلان مؤسّسات البلد، ويتلاعبان بمصير اللبنانيين، ويعرقلان تشكيل أي حكومة، من أجل «سرقة» أكبر عدد من الوزارات، تحت التهديد بالتعطيل… حتى بات التعطيل «موضة»… فكل حكومة تحتاج الى عام أو أكثر لتشكيلها… لأنّ الرئيس وصهره، يريدان السيطرة على الوزارات «الدسمة». فوزارة الطاقة مثلاً هي المبتغى.. هذه الوزارة التي سيطر عليها باسيل وتياره 12 سنة… فشهدت أكبر عمليات هدر عرفها لبنان في تاريخه الطويل… ويكفي أن يبلغ الهدر، بسبب تصرفات «باسيل» وتياره في هذه الوزارة، الـ50 مليار دولار خلال 15 سنة فقط.
هذا بالنسبة لدور السيّد حسن نصرالله في فرض رئيس للجمهورية… وهذه بالتالي مآثر اختيار عون للرئاسة.
وبالنسبة للحكومة… فالسيّد يجب أن يعيّـن الحكومة ورئيسها ووزراءها… وعلى اللبنانيين القبول بما يُمليه عليهم السيّد من «أوامر» وتوجيهات… وحتى في هذه النقطة فإنّ التعطيل المتمادي والمستمر يبقى سيّد الموقف… فكل حكومة تحتاج الى ثمانية أشهر أو أكثر لتتشكّل…
وهنا أتساءل: كيف يمكن بناء دولة في ظل أوضاع كهذه..؟ وكيف يمكن أن «نبني» إقتصاداً متيناً سليماً في ظل ظروف كهذه..؟
وأعود الى خطاب السيّد حسن نصرالله الذي هدّد من خلاله أربع جهات هي:
أولاً: الرئيس المكلف سعدالدين الحريري قائلاً له: «يا بتشكّل حكومتك كما يريدها الرئيس ميشال عون… وإمّا فاذهب الى بيتك». وكي «يضحك» السيّد على اللبنانيين، قال كلامه هذا بطريقة تحمل تهديداً… ولكن «بالسياسة»… إذ تابع كلامه: «أنصحك أن تفعل ما يقوله الرئيس عون.. حكومة سياسية من 20 وزيراً كما يرغب ويشاء جبران وأنت ستكون شاهد زور على كل الفشل الذي وصل إليه الحكم خلال 15 سنة، أي منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري حيث كان الدين العام 5 مليارات دولار فقط.
ملاحظة، هذا الدين نتج عن مجموعة كبيرة، من إعادة بناء ما هدّمته الحرب الأهلية، وباختصار:
– إعادة بناء القصر الجمهوري.
– إعادة بناء وتوسيع مطار بيروت.
– إعادة إعمار المدينة الرياضية.
– بناء أكبر مستشفى حكومي في يبروت يضاهي أكبر المستشفيات ألا وهو مستشفى الحريري.
– بناء عدد من الجسور.
– بناء محطات كهرباء في دير عمار والزهراني وبعلبك وصور.
– إعادة إعمار السرايا الحكومية.
أكتفي بهذه الإنجازات لأضيف إليها مشروع «السوليدير» الذي لولاه لكانت منطقة «وسط بيروت» نسخة طبق الأصل عن مدخل بيروت الجنوبي، حيث كان يسكن خلال هذه الفترة القصيرة، أي منذ عام 1975 ولغاية العام 1990، ثلاثماية ألف مواطن فقط معظمهم مهرّبون وحشّاشون و»سكرجيّة» وسرّاقون عاطلون من العمل. وكانت المنطقة من أهم مراكز بيع المخدرات، يجتمع فيها الخارجون على القانون… وقد دفعت «السوليدير» لهؤلاء المحتلين 600 مليون دولار أميركي.
نعود الى حديث السيّد الذي وجّه فيه كما قلنا أربعة انذارات:
1- انذاراً لرئيس الحكومة.
2- انذاراً لحاكم مصرف لبنان.
3- انذاراً لقائد الجيش.
4- انذاراً لقائد قوى الأمن الداخلي.
وإلى اللقاء في الحلقة الثانية بعد غدٍ الإثنين.