تضمنت كلمتكم نهار الخميس المنصرم، نقاطاً بالغة الاهمية يهمّنا الإضاءة والتأكيد عليها. وعلى الهامش، ادعو جميع الأفرقاء، وضمنهم خصومكم السياسيون، الى تبنّي الأفكار البنّاءة التي وردت في الخطاب، انطلاقاً من مبدأ «إذا خصمي معو حق»، لأنّ هذا هو الطريق الصحيح لبناء البلد.
ونضيء على هذه النقاط، لأنّ الجميع اليوم يتشارك الهموم نفسها، من إيقاف الهدر والفساد وإيجاد حلول فاعلة للخروج من الأزمة الاقتصادية والسياسية، فذكرتم سماحة السيد، انّ:
ـ اولاً، انّ التشخيص الخاطئ للمشكلة يؤدي الى معالجة خاطئة، بمعنى انّه إذا تمّ تشخيص المريض بمرض آخر ستفشل معالجته ولن يصل الى الشفاء. وهذا أساس مطالبتنا الدائمة بكشف تقارير التدقيق (لشركتي «ديلويت اند توش» و«ارنست اند يونغ») للمصرف المركزي على مدى السنوات الماضية، لتكوين تشخيص واقعي وحقيقي.
– ثانياً، إذا بقيت الادارة كما هي، وآليات العمل والقضاء والمحاسبة والمراقبة كما هي، يعني انّ القروض التي سنحصل عليها سيتمّ هدر الكثير منها كما حصل في الماضي.
– ثالثاً، على الحكومة المقبلة أن تُقنع ناسها بالحلول الجذرية التي يجب تطبيقها.
وقد عرضتم مجموعة من الحلول للخروج من الأزمة الاقتصادية. وأود ان اضيف اليها اقتراحاً، اعتبر انّ له دوراً كبيراً في معالجة مشكلاتنا والخروج من الأزمة، كما في تشخيص المشكلة ومنع تكرار الهدر وتضييع الاموال في المرحلة المقبلة. ارجو ان يحظى هذا الاقتراح موافقتكم ودعمكم، وهو اعتماد الشفافية المطلقة في عمل الحكومات والادارات العامة.
لقد اقترحنا «قانون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة»، ووزعناه على كل الكتل النيابية، وقد تبنّاه تكتل «لبنان القوي» وقدّمه للمجلس النيابي، وينتظر ان يتمّ اقراره.
اتمنى سماحة السيد ان تولوا هذا القانون اهتمامكم الخاص، وتساعدونا لكي نقرّه ونبني اقتناعاً شعبياً حوله، انطلاقاً من أهميته الاساسية لاقتصاد المستقبل.
فالشفافية المطلقة هي صمّام الأمان، في بلد وصل فيه الفساد الى درجة كبيرة، ووصل انعدام الثقة المحلية والعالمية بلبنان الى أعلى درجاته.
لقد قلتم انّ الحكومة المقبلة تحتاج ان تقنع شعبها بالحلول الجذرية، وقد تكون قاسية في المرحلة الآتية. ونعتقد انّ احسن طريقة في الإقناع، ان تكون الناس مطّلعة على كل المعلومات والحسابات والارقام والديون والصرف والمناقصات والتلزيمات والقروض الخارجية ونسبها وفوائدها وحجم الادارة العامة وتكاليفها، أي قانون الشفافية المطلقة، وهذا لا يتعارض ابداً مع السّرية المصرفية لحسابات المودعين.
منذ الآن لم يعد مقبولاً ان يخطّط المسؤول ويطرح حلولاً منفرداً. فالشعب والسلطة يجب ان يكونوا شركاء في إيجاد الحلول الأفضل، فالتشارك في الحلول هو السبيل لتقبّلها، والشراكة بين السلطة والشعب لا تتمّ الّا عبر الشفافية المطلقة.
ختاماً، نوافقكم سماحة السيد على انّه لا يجوز بث اليأس في نفوس اللبنانيين. فعلى الرغم من الأزمة الحادّة التي تسببت بها سنوات من الممارسات الخاطئة والفساد، الّا اننا نصرّ ان لبنان بلد غني ويملك كثيراً من المقومات والفرص. فإذا اعتمدنا الشفافية المطلقة سنسرّع الخروج من المأزق ونوفّر ظروفاًّ مناسبة لاقتصاد منتج. حينها نستطيع، بمساعدة اللبنانيين، مقيمين ومغتربين، خلق اقتصاد لبناني قوي ومزدهر. وانا متأكد من اننا اذا طبّقنا كل ذلك سنتفاجأ بسرعة التعافي الاقتصادي في لبنان.