هناك سؤال لا بد من أن نوجهه الى السيّد حسن نصرالله حول قوله: «إنّ باخرة المازوت الايرانية هي أرض لبنانية.. وإنّ أي اعتداء عليها سيكون اعتداء على لبنان». وهو هدّد الاميركيين الذين يمارسون عقوبات على إيران، ووجه تهديداً آخر لإسرائيل.. كلام جميل ولكن لا بد من أن نسأل السيّد: هل القرار الذي اتخذه باعتبار السفينة الايرانية التي تحمل المازوت صارت أرضاً لبنانية، وأنّ أي اعتداء عليها هو اعتداء على لبنان هو قرار الدولة اللبنانية؟
السيّد حسن «بيمون» ولكن هل قرار الحرب أو السلم في لبنان، هو من اختصاصه فقط أم أنّ هناك دولة لبنانية هي «المسؤول الأول والأخير» عن قرار الحرب أو السلم؟
أليْس الكلام الذي قاله السيّد حسن هو اعتداء على الدولة اللبنانية، واحتكار لقراراتها؟ ثم نقول له: من أعطاه التفويض لاتخاذ هذا القرار؟ وهل أصبح السيّد حسن هو الحاكم الفعلي والأوحد في لبنان؟
أين الدولة اللبنانية؟ وأين الشعب اللبناني؟ وهل السيّد حسن يمثل كل شرائح الشعب اللبناني؟ طبعاً لا…
هذا أولاً.
ثانياً: السيّد حسن يريد أن يساعد الشعب اللبناني على حل قضية المحروقات، ونحن نشكره من كل «قلوبنا»… ولكن قبل أن نشكره لا بد من أن نسأله لماذا ومنذ عام 1990 ولغاية العام 2005، يوم اغتيل شهيد لبنان الكبير رفيق الحريري لم يكن هناك أي أزمة لا بالمازوت ولا بالبنزين ولا بالغاز ولا بسعر صرف الدولار؟ فهل سأل السيّد نفسه لماذا؟
طبعاً السيّد يعلم أنّ السبب الحقيقي لأزمة الاقتصاد اللبناني، هو حزبه العظيم الذي يُصرّ على أن يصبح لبنان مثل سوريا والعراق واليمن وإيران، لأنّ ولاية الفقيه صاحبة مشروع التشيّع في العالم العربي، تريد أن تصبح الشعوب الاسلامية السنّية شيعية المذهب.
من أجل ذلك فإنّ لبنان أصبح رهينة بيد إيران، تستعمله عندما تدعو الحاجة لمحاربة أميركا وحليفها «العدو الاسرائيلي».
يا سيّد حسن انظر الى الأوضاع الاقتصادية في إيران، أين كانت أيام الشاه، وكيف أصبحت أيام آية الله الخميني، والآن أيام آية الله الخامنئي؟
يا سيّد حسن كان سعر صرف الدولار أيام الشاه يساوي 3 تومان، فأصبح كل دولار يساوي 30 ألف تومان. فهل هذا نجاح للثورة الاسلامية التي تريدنا أن نكون جزءاً منها؟
يا سيّد حسن انظر الى سوريا كيف تركها الرئيس حافظ الأسد عام 2000، لا ديون عليها، أما اليوم وبفضل الدكتور بشار، وبفضل تبنيه سياسة ولاية الفقيه، أصبحت سوريا مجزأة الى 5 «سوريا»: 1- سوريا الروس، 2- سوريا الاتراك، 3- سوريا الاميركيين، 4- سوريا الحرة وأخيراً ما تبقى من سوريا.
سوريا اليوم تحتاج الى 1000 مليار دولار لتعود كما تركها الرئيس حافظ الأسد غير ان 12 مليون سوري هم خارج سوريا.
يا سيّد، انظر الى العراق وماذا فعل اللواء قاسم سليماني في العراق، غير انه أخذ النفط العراقي بالاتفاق مع المالكي ليموّل الحرب السورية وإقامة ميليشيات شيعية وتسليحها بغية تقسيم العراق.
يا سيّد العراق كان أغنى دولة في العالم العربي.. اليوم وبفضل إلحاقه بمشروع ولاية الفقيه، صار من أفقر دول العالم. والمصيبة الأكبر انه منقسم على نفسه ويعاني من حروب بين ميليشيات شيعية ترفض أن تكون ضمن الدولة الى إعطاء الاكراد دولة أو حكماً ذاتياً.
يا سيّد انظر الى اليمن غير السعيد كيف أصبح في أتعس أحواله من الفقر، ولا يقارن بأي دولة، ويعيش حروباً أهلية لها بداية ولكن لا أحد يعرف نهايتها.
باختصار شديد، أنت قلت أكثر من مرة بأنّ أموالكم وأسلحتكم وكل ما تحتاجونه يأتي إليكم من الجمهورية الاسلامية في إيران، أنتم أحرار ولكن هناك سؤال بسيط: لماذا صرفت إيران أكثر من 70 مليار دولار على جماعتك وحرمت شعبها الذي يعاني الفقر والعوز، و50 مليون إيراني تحت خط الفقر وتقدم الدولة 20 يورو كل شهر مساعدة غذائية لكل منهم؟ فهل أصبحت إيران جمعية خيرية، أم ان هناك أهدافاً ومشاريع، تأمركم فتنفذونها غير مكترثين بمصلحة الشعب اللبناني، لأنّ همّك الوحيد هو تنفيذ أوامر آية الله.. والعمل على أخذ رضاه، أما مصلحة الشعب اللبناني فمسألة أخرى فيها نظر؟
من ناحية ثانية، إنّ أحد الأسباب الرئيسية لمشكلة أزمة المحروقات في لبنان هو التهريب الى سوريا حيث تبيّـن ان الأموال التي صرفها مصرف لبنان على المحروقات والأدوية ذهب نصفها أو أكثر الى سوريا.
لذلك نتمنى على السيّد أن يوقف جماعته الذين هم العمود الفقري للتهريب وهم الذين يسيطرون على المعابر بدل أن يوَرّط لبنان بمجابهة مع المجتمع الدولي والقرارات الدولية. وهنا نكرر ان السيّد يعلم جيداً «بينه وبين نفسه» بأننا ليست لدينا القدرة على مجابهة القرارات الدولية، حتى ان إيران التي تعتبر مرجعية للسيّد عاجزة عن الوقوف أمام العقوبات الدولية التي حوّلت الحالة في إيران من دولة غنية الى دولة فقيرة.