Site icon IMLebanon

رهان ميقاتي وسلوك نصرالله

 

 

واحد من أعمدة توجهات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي هو السعي للانفتاح على الدول العربية التي تتيح ملفات العلاقة معها استعادة شيء مما فقدته الدورة الاقتصادية التي كان البنك الدولي قال عنها إنها في كساد متعمد.

 

وهذا التوجه هو الذي دفعه إلى الإعلان قبل أربعة أيام عن الاتصال بالكويت من أجل تجديد الحديث عن القرض الذي عرضه الصندوق الكويتي للتنمية قبل زهاء 10 سنوات من أجل بناء معمل للكهرباء بكلفة تصل إلى أقل من نصف المبلغ الذي كانت وزارة الطاقة رصدته له.

 

من المؤكد أن وصول المازوت الإيراني عبر مرفأ بانياس لا يعين هذا التوجه. فالدول العربية ولا سيما الخليجية، المعنية الأولى بمساعدة لبنان عن طريق إحياء اتفاقات ومشاريع اتفاقات كتلك التي كان جرى تحضيرها في العام 2019 بين لبنان والمملكة العربية السعودية قبل أن تستقيل حكومة الرئيس سعد الحريري (عددها 22 مشروعاً وتتناول الاستثمارات في مجالات عدة)، ترصد ردود الفعل على الحكومة الجديدة لتكوين فكرة عن توجهاتها الإقليمية والداخلية. فهذه الدول أبلغت من يعنيهم الأمر قبل الإعلان عن ولادة الحكومة، أنها ستدقق بكل إسم من أسماء الوزراء وفي كل حقيبة وزارية وإلى من ستُسند، وما هو التاريخ السياسي لمن يتولاها للبناء على الشيء مقتضاه.

 

على رغم قول الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله أول من أمس أن حزبه لا ينوي استثمار استقدام المحروقات من إيران في السياسة وأنه تجنب الدعاية الإعلامية لانطلاق الباخرة الأولى ولمسارها ولرسوها في ميناء بانياس، فإن الحزب تقصد أسلوباً آخر يقضي بالانتظار التشويقي لمسار ورسو الباخرة، وصولاً إلى حديث أوساطه في البقاع عن اصطفاف مناصري الحزب على بعض الطرقات نحو بعلبك من أجل استقبال الصهاريج التي ستنقل حمولتها من المازوت إلى خزانات مخصصة لها قبل توزيعها بدءاً من يوم غد الخميس على “من يرغب”.

 

قد يصعب على الدول التي تناصبها طهران (ومعها الحزب) العداء، أن تعلن رفضها استقدام المازوت الإيراني والبنزين من بعده طالما أن أزمة المحروقات ما زالت تتفاقم وتنغص عيش اللبنانيين. وفي المقابل يعترف “حزب الله” أن استقدامه بضع بواخر من النفط الإيراني لن يحل أزمة المحروقات. وهذا ما يضع هذه الخطوة في خانة الاستثمار السياسي سواء اعترف الحزب بذلك أم نفاه. وإلا لماذا جاء استقدام هذه البواخر في سياق ذروة الهجوم على السياسة الأميركية في المنطقة، من العراق إلى اليمن وسوريا متهماً إياها بمحاصرة لبنان ومعلناً انهزام المشروع الأميركي.

 

ما يستدعي التوقف عنده هو تحول خطاب نصرالله من لغة التهديد والوعيد لأميركا قبل أسبوعين إلى لغة “ترحيب” بما سماه المساعدة الأميركية لاستجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، في وقت ولدت الحكومة في ظل مناخ ينحو إلى التمهيد لتسويات ولو ظرفية قد تقود إلى استئناف مفاوضات فيينا، بعد أن سمحت طهران بتشغيل كاميرات المراقبة التابعة لوكالة الطاقة الذرية، في منشآتها النووية، والتي كانت أوقفتها قبل أشهر في إطار التصعيد على وقع التفاوض في فيينا. فهل تنسحب لغة التهدئة مع الولايات المتحدة على العلاقة بين إيران وبين الدول العربية الخليجية، في وقت ينتظر أن تتجدد الاجتماعات السعودية الإيرانية في بغداد بعد انقطاع شهرين، إثر الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى طهران؟

 

يبدو أن على الحكومة الجديدة أن تنتظر ما يدور في الأفق الدولي الإقليمي قبل أن تتوقع نتائج من طموحها بالانفتاح على الدول العربية، التي من الطبيعي أن تعتمد نهج الحذر والمراقبة وممارسات الوزراء في الحكومة الجديدة.