Site icon IMLebanon

أن تكون مُمانِعاً ومُطبِّعاً في آن!

 

 

يدّعي “محور الممانعة والمقاومة” الذي تقوده طهران ودمشق، مهمّة مواجهة النّهج “الاستعماري الامبريالي” الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية، بمعيّة الكيان الصهيوني والدول الحليفة لهما.

 

ويكاد يكون أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله هو النّاطق المُطلق باسم هذا المحور والمُشرّع الاعلاني للمحرّمات والموجبات والفرائض، التي يليها عمليّة توزيع الشهادات بالوطنيّة والأحكام بالعمالة، مع ما يخلّفها من رجمٍ وتحليل دماء أو تقديسٍ وتأليه.

 

لكن، هناك نموذج من الازدواجيّة الصّارخة التي تترك كمًّا هائلاً من التّساؤلات، لدى البيئة الحاضنة لهذا المحور قبل تلك المضادة، من دون إجابات.

 

في 8 حزيران 2018، جدّد نصرالله تأكيد بقاء عناصر حزبه في سوريا بغية الدفاع عن النظام السوري، “نحن موجودون في سوريا حيث يجب أن نكون موجودين، وحيث طلبت منا القيادة السورية أن نكون موجودين، بحسب تطورات الميدان”؛ بعد ثمانية أشهر، في 27 شباط 2019، أعلن نصرالله في لقاء مغلق جمعه مع الهيئات النسائية في “حزب الله”، عن تأثّره بعناق الرئيس السوري لمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي والذي حصل قبل أيام من تاريخه في لقاء جمعهما في طهران.

 

إعلان نصرالله تأثّره هذا، ليس سوى رسالة مباشرة أراد توجيهها إلى كلّ الشباب اللبناني، المنضوي في “حزب الله”، الذي قدّم نفسه مقاتلاً لبقاء الأسد في سوريا، بأنّ رأس النظام السوري متجذّر في ولائه لمحورهم ووجوده من وجودهم، وذلك ردًّا على المحور الخصم الذي كان يُصوّب سهامه نحو تحميل قيادة “حزب الله” مسؤولية مقتل آلاف اللبنانيين لأجل نظامٍ لا صلة له بوطنهم.

 

الحرص الذي ينتهجه نصرالله في تظهير قوى الممانعة والمقاومة على أنّها “ترفض الاذعان للولايات المتحدة الاميركية والعدو الاسرائيلي”، يُقابله حرص مضاعف في مهاجمة كلّ دولة أو جهة تخطو نحو التّطبيع مع الاسرائيليين.

 

في 11 آب 2020، وصّف نصرالله، اتّفاق التّطبيع بين دولة الامارات العربية المتّحدة واسرائيل بأنّه “عمل مدان وخيانة للقدس وللاسلام والعروبة وخطوة غادرة وطعنة في الظهر”، متّهماً المسؤولين الامارتيين بأنّهم “خدّام للأميركيين”، مُشدّداً على أنّ إدانة هذا الاتفاق هو واجب إنساني وديني وجهادي وقومي، مُضيفاً أنّه فرصة لـ”حركات وشعوب المقاومة” كي تُفرّق بين صديقها وعدوّها.

 

أمام هذا التسلسل المنهجي والفرز الواضح بين الحليف “الشقيق” الذي يجب تقديم الذات لأجل استمراريّته من جهة، والخصم “الخائن” الذي يجب مواجهته من جهة ثانية، يضع أمين عام “حزب الله” بيئته والشعوب التابعة لمحوره في تصوّر واضح للتّمييز بين الأمان والخطر، بين الصديق والعدوّ؛ لكن ما موقف السيد نصرالله عندما تجمع الأحضان بين سوريا المُمانِعة والامارات “المُطبِّعة”، وفق توصيفه؟

 

في 9 تشرين الثاني 2021، تصدّرت المشهد السياسي، الزيارة التي قام بها وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان إلى دمشق حيث التقى الرئيس الاسد، وقد انبرت الاقلام ومنصات التواصل لتحليل هذا التطور بين مَن اعتبره محاولة عربية لمواجهة المدّ الايراني ومَن وضعه في إطار استكمال مسار التّطبيع ليشمل النظام السوري.

 

الأكيد أنّ موقف نصرالله، لا يُحسَد عليه، فبعدَ أن أعلن تأثّره من مشهد العِناق بين خامنئي والاسد، باتَ واجباً عليه أن يُبرز موقفه تجاه “العناق” بين آل نهيان والاسد، وألّا يهرب من ذلك، خاصّةً أنّه أفتى في آب 2020 بوجوب التّفريق بين الصّديق والعدوّ؟

 

فهل الاسد “الممانِع” الذي عانق طرفاً “مُطبِّعاً” باتَ عدوًّا أو ما زال صديقاً لـ”حزب الله؟”. مهما كان موقف “السّيد”، لا شكّ أنّ آلاف الأمّهات والآباء في بيئته، الذين قدّموا فلذات أكبادهم على مذبح الحرب في سوريا، ينتظرون الجواب! فهل ستكون “لو كنت أعلم” هي لسان حاله من جديد؟