استمعنا إلى ما قاله أمين عام حزب الله، السيد حسن نصرالله، في كلامه الأخير… وخرجنا بجملة استنتاجات، نذكرها اليوم بكل موضوعية، ونحاول من خلالها الردّ على الكثير من التساؤلات التي تدور في أذهان معظم اللبنانيين:
أولاً: نحن لا ننكر أبداً، أنّ المقاومة اللبنانية، ومن بينها حزب الله، ساهمت بشكل لافت في تحرير لبنان من العدو الاسرائيلي، وأخرجت العدو من أماكن في لبنان، كان وجوده فيها يشكّل قلقاً للبنانيين، واعتداءً سافراً على استقلال لبنان.
ثانياً: أعود الى ما بعد إعلان التحرير عام 2000، فأقول: «لماذا لم يعمل الحزب على بناء دولة فاعلة وقادرة؟ ولماذا ظلّ السلاح محمولاً؟ وهو استُعمل في الداخل كما شارك حاملوه في «جولات وصولات» محور الممانعة في سوريا والعراق واليمن… وعملت خلايا الحزب العظيم على تعكير العلاقات بين لبنان وإخوانه العرب، بخاصة في دول الخليج. وما نفعُ هذا السلاح المحمول، إذا لم يكن مُصَوّباً الى العدو الاسرائيلي فقط؟
ثالثاً: لماذا السكوت على مقتل قادة من الحزب، أذكر منهم: عماد مغنية ومصطفى بدر الدين وغيرهما؟.. وهل فِعْلُ اسرائيل في عمليات الاغتيال، مُبَرّرٌ لا يجوز الردّ عليه؟
رابعاً: يا سيد، أنت قلت بأنك جنديٌ من جنود ولاية الفقيه، وإنّ سلاحك ومالك، وما تحتاج إليه، أو يحتاجه الحزب هو من الجمهورية الاسلامية… وإنك لن تنسى هذا الشيء، وإنك على استعداد لردّ هذا الجميل بشكل دائم… وأقترح عليك يا سيد، أن توفّر على إيران المال والسلاح ورواتب مسؤولي ومجنّدي حزب الله، بالذهاب الى إيران والعيش فيها…
خامساً: تُفاخرون دائماً، بأنكم جزء لا يتجزأ من محور الممانعة بقيادة إيران… وهنا أتساءل: لماذا عَمَدَتْ إيران في يوم من الأيام الى إنشاء «فيلق القدس»، الذي قاده قاسم سليماني، لمهمة واضحة ومحدّدة، كما يبدو من التسمية، هي تحرير القدس، فماذا فعل الفيلق هذا وقادته ومؤسّسوه من أجل القدس وتحريرها؟ لا شيء بالتأكيد… بل ماذا فعل «الفيلق» بعد اغتيال قائده سليماني؟
سادساً: محور الممانعة، الذي تُفاخِرون بالانتماء إليه… ماذا فعل ضد إسرائيل..؟ وهنا أُذكّر بالاعتداءات الاسرائيلية على «الحرس الثوري» وعلى «حزب الله» وجنود النظام في سوريا… أليْس الجولان المحتل هو جزء من سوريا؟..
في كل مرة، وبعد كل عدوان نسمع تصريحات، أنّ محور الممانعة هو الذي يحدّد زمان ومكان المعركة، وبأنّ هذا المحور، لن يسمح للعدو الاسرائيلي باستدراج «جنود الممانعة» الى معركة، ليس «وقتها» الآن… فهل هذا كلام مقنع؟ وهل يقتنع أحدٌ أنّ الزمان والمكان لم يَحِنْ بعد؟ فالجولان محتل منذ عام 1967، وإسرائيل موجودة منذ عام 1948.. والاعتداءات على سوريا والحرس الثوري وحزب الله يوميّة… فمتى يحين الوقت يا سيد؟؟!!
سابعاً: ماذا فعلت المقاومة بعد تحرير العام 2000، لمساعدة الجيش على تسلّم دوره، لبناء دولة بجيش وسلاح واحد موحّد، ليكون هذا السلاح شرعياً؟ كل ما نراه، هو استعمال السلاح غير الشرعي في غير محلّه… وكل المحاولات التي يقوم بها الحزب العظيم تصب في خانة «تقويض» الدولة… كل المحاولات لعرقلة بناء الدولة، اقتصادياً، مالياً، مصرفياً، وحتى قضائياً؟ وللتذكير فقط أقول: إنّ العملة اللبنانية كانت في يوم من الأيام مَنْ أقوى العملات. فالدولار كان يساوي ثلاث ليرات لبنانية، وها هو اليوم تجاوز سقف الـ25 ألفاً… أفليْس هذا هو الدليل القوي على محاولات «إزالة» الدولة، من خلال إزالة كل مقوّمات وجودها، ومحاصرة المواطن اللبناني بلقمة عيشه، وبصحتهِ وبتعليم أبنائه، بخلق حالة من القرف؟
ثامناً: يا سيد، هل حقاً تعترف بدولة لبنان الحرّ السيّد المستقل؟ نراك ونسمعك دائماً، تتحدث في الاقتصاد والسياسة والقضاء والمال، وكأنك خبير بكل هذا؟ فهل تخبرنا متى درست علوماً اقتصادية؟ ومتى درست وتعلمت في معهد البحوث القضائية، وهل أصبحت قاضياً ومحققاً في الوقت نفسه؟
وأقول هل حقاً تعتقد يا سيد انك تستطيع حكم لبنان وبناء إدارته ومؤسّساته؟ وهل تعلم ان السبب الأول لانهيار الليرة هو فساد السلطة الحاكمة التي تحميها بسلاحك غير الشرعي؟ وهل تشرح لنا كيفية معالجة الأزمة الاقتصادية والماليّة حسب اعتقادك؟
تقول دائماً إنك مع الدولة… وها هي الدولة التي عيّنت رئيس جمهوريتها ورئيس حكومتها، تنهار وينهار معها البلد كله… وهل تتفضّل باختصاصاتك المتعدّدة أن ترسم لنا الحل، في ظل سلاحك غير الشرعي هذا؟
يا سيد حسن: دَع التحدّث في كل الاختصاصات لأصحاب الرأي الحقيقيين المختصين، علهم ينقذون ما جرّه على الوطن، سلاحك هذا.
تاسعاً: إنّ نظرة واحدة، الى دول محور الممانعة، تبيّـن لنا ان كل دول هذا المحور تعاني من أزمات كبيرة، وأنّ مواطنيها فقدوا كل مقوّمات الحياة.. في سوريا الممزّقة، وفي العراق الذي يعاني من وجود سلاح غير شرعي أيضاً، ومن ميليشيات، لا تأتمر بأوامر الدولة، وكل ميليشيا تغني على «ليلاها»… وفي اليمن الذي كان «سعيداً» في يوم من الأيام، فصار شعبه اليوم في قَعْر الفقر والحرمان والعَوَزْ، بفضل الحوثيين ومن يدعمهم من أصحاب القرار في إيران.. أليْست الحالُ في هذه الدول تشبه تماماً ما نعانيه نحن اليوم في لبنان، الذي تحوّل من جامعة العرب، ومستشفى العرب الى شبه دولة لا كيان لها؟
اللبنانيون اليوم يعيشون حالةً من الانحدار الكامل… الجوع والحرمان صار مبدأ… لا أدوية ولا مدارس ولا تربية مدنية والبطالة متفشية… ولا حياة لمن تنادي… ولا نهضة لهم إلاّ إذا علمتم ان لبنان لا يُبْنى إلاّ بالسلاح الشرعي وحده.
أليْس هذا كله بسبب هيمنة الحزب العظيم يا سيد حسن؟
وأخيراً، أقول: في كلمتك أشرت الى انك تحيي لبنان وشعبه بعيد استقلاله الذي حصل عليه عام 1948، وغاب عن بالك أنّ الاستقلال حصل عام 1942… فعسى أن لا يكون اهتمامك -يا سيد حسن- بولاية الفقيه، هو الذي أنساك تاريخ استقلال لبنان.