Site icon IMLebanon

بعد العيد

 

 

وعد الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله جمهوره بمهرجانات ثلاثة «بعد العيد» يتحدث فيها بالمباشر. متجاهلاً أن الأعياد في لبنان لم تعد مساحة للاحتفال والفرح وتبادل التهاني.

 

أو كأن لجمهور الحزب ولغيره من اللبنانيين في العيد نصيب.

 

فكل المعطيات تشير أن هذه الطبقة السياسية ستواصل وضع اليد على حقوق الناس ومصادرتها وكأنها مشاع مكتسب لها ثمن تدميرها البشر والحجر، كما ستعمل على مزيد من الفرز الشعبوي التحريضي، ورسم مزيد من خطوط التماس بين المذاهب من جهة، وبين الأحزاب من جهة أخرى.

 

أي عيد سيحل، وأي مباشر سيطرحه نصرالله ليحفِّز جمهوره على الالتزام بما يريد محوره عدا تكريس المتاريس لتبقى موجودة في النفوس؟

 

هل سيجد حلّاً بالمباشر للطوابير أمام الأفران التي سددت ضربة قاضية لطوابير الانتظار على محطات الوقود السيئة الذكر؟

 

أم أنه سيوجه البوصلة إلى مزيد من عزل هذا الجمهور عن شركائه في الوطن وعن محيطه العربي الطبيعي؟

 

بالتأكيد سيفعل ذلك، لا سيما بعد إصراره وإصرار غيره من القيادات التي تدور في فلك محوره على إنكار مسؤوليته ومسؤوليتهم عن كل ما حل بالبلاد.

 

بالتالي، كل ما في عبارة «بعد العيد» هو مغالطة من الوزن الثقيل.

 

فأمل إبليس في الجنة ليس مستحيلاً مقارنة بأمل اللبنانيين بالخروج من جهنم بالاستناد إلى الخطابات التحفيزية الرامية إلى إنجاز الاستيلاء على السلطة من خلال صناديق الاقتراع.

 

مقومات العيد انقرضت في لبنان، لذا كان من الأفضل تجنب ذكره، وهذه المقومات لن تعود ما دامت سائدة سياسة «الغُرْمُ للشعب والغُنْمُ للزعيم».

 

وهذا الغُنْمُ يفترض أن تحققه الإطلالات بالمباشر، فهي كل ما يلزم لتستقيم الأمور وفق ما يقرره، وبناء على توجيهات الباب العالي.

 

أما ما يتضمن هذا المباشر، فلا علاقة له مباشرة أو مواربة بهموم اللبنانيين بمن فيهم جمهوره. والأمر منطقي، طالما أن الزعماء لا يرون إلا قطعاناً يجب تخويفهم من الذئب ليساقوا إلى حيث المصلحة الخاصة التي تفرض ذبحهم وتقديمهم في سوق الأضاحي بحلول الأعياد أو من دونها.

 

بالتالي فإن معالجة الانهيار الحالي ليست المطلوبة، ولكن إبقاء البلد مصلوباً على خشبة أجرام من يستولي على السيادة والسلطة ويحمي أتباعه في المنظومة، ومتأرجحاً بين التلاشي أو وهم القيامة.

 

أما العيد فممنوع حتى إشعار آخر، لا يقرره إلا تمرد هذا الجمهور على الخطابات، وعلى الشعارات التي يطلقها من خرب البلد وأفلسه ممن يستدعيهم نصرالله.

 

إذ كيف يمكن لجمهور ما، مهما بلغت مستويات غسل دماغه ان يصدق مطلقي هذه الشعارات، وتحديداً، تصديق الصهر العزيز الذي «شال» كل ما فيه ورماه على خصومه، متوقعاً أن يتفهم اللبنانيون فشله، ناهيك عن الفساد المستشري في كل المشاريع التي حمل لواءها في الماء والكهرباء والتوظيفات واحتكار تمثيل المسيحيين.

 

وفي ظل قانون الانتخاب الحالي، وفي ظل قدرة الحاكم بأمره ومن يدور في فلكه على التحكم بمصير الاقتراع، بالرشوة او بالقوة، لا يمكن للبنانيين توقع معجزات تقلب الموازين، قبل العيد وبعده، اللهم إلا إذا بلغوا من الوعي مقداراً يدفع الغالبية إلى حرمان كل مرشحي المنظومة من أصواتهم..

 

حينها.. وحينها فقط يمكن مواجهة فائض الرشوة وفائض الفساد وفائض القوة.. ويمكن لمقومات العيد ان تعود، ليس لأمر مضى.. وإنما لأمر فيه تجديد..