لا يتورع الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله عن الإمعان في إلغاء الدولة لتجييش البيئة التي يبدو انها لم تعد حاضنة كما في السابق، وذلك بغية الحصول على أصوات الذين يفضلون حجب أصواتهم عن محوره، لأنهم وببساطة ضاقوا ذرعاً بالحجج الواهية التي تدعي حمايتهم، في حين ينزلقون أكثر فأكثر إلى جهنم.
ولا يتورع عن ابتزاز بيئته وسائر اللبنانيين عندما يلوِّح بسيطرته على ملف النفط والغاز، وبأن على إسرائيل والولايات المتحدة و»فرانكشتين» أن يتفاوضوا ليس مع الدولة اللبنانية، وانما مع الحزب ومن خلفه إيران، والا لا نفط ولا غاز، حتى لو مات آخر لبناني جوعاً…
يخلط نصرالله بين ميليشيا مسلحة تنفذ الأجندة الإيرانية وتشتبك مع ميليشيات تشبهها في منطقة السيدة زينب، وبين فعل المقاومة الذي لم يعد له وجود على أجندته وأجندة مشغِّله، وإلا لكنا شهدنا ما هو أكثر من التصريحات والتهديدات والتهويل عندما تعتدي إسرائيل على تجمعات هذه الميليشيات في سوريا.
أما الحديث الطازج عن استنفار عسكري بمواجهة المناورات الإسرائيلية فهدفه واضح وجلي، وهو استعراض فائض القوة وإرهاب من يتمرد من البيئة الحاضنة، المكتوب عليها ان تقتنع بانتصارات وهمية في حرب تموز 2006، حققها الحزب، في حين ان من انتصر آنذاك كانت الدولة بحكومتها ومعها دعم الدول العربية، سواء بالجهود الحثيثة لإصدار القرار 1701 الذي أنهى العدوان وببنود فرضت على الحزب ان ينسحب بسلاحه إلى شمال الليطاني ليدخل الجيش اللبناني للمرة الأولى الى الجنوب، وفرضت مراقبة للحدود البرية والبحرية والجوية اللبنانية وليس الإسرائيلية، تتولاها القوات الدولية، وسواء بالمساعدات التي قدمتها هذه الدول العربية التي يحرض عليها نصرالله، ولم تسلم هباتها من الفساد والسرقة الموصوفة على يد المحظيين من عناترة «الثنائي».
بالتالي، لا السلاح كما هو اليوم، هو سلاح مقاوم، ولا نغمة «حرب تموز سياسية» تتجاوز دورها كوسيلة انتخابية تلعب على وتر «العزة والكرامة» المفترض ان يحتميا بسلاح غير شرعي، وفق ما يقوله نصرالله، ويحلا محل المواطنة وحقوق المواطن والانسان بدولة لديها مؤسسات تخدم الشعب ولديها علاقات مع محيطها العربي.
ومحاولة تصوير مواجهة الاحتلال الإيراني من خلال صناديق الاقتراع وكأنه مؤامرة على «سلاح المقاومة» مع استعلاء واستقواء و»فشروا ينزعوا سلاح المقاومة»، لا مكان لها في إعراب من يريد أن يقاوم الاحتلال ويرفض تغيير هوية لبنان وإغراقه في مزيد من الفقر والتخلف، وفي ظل نظام شمولي يحرِّم ويحلِّل بما تقتضيه مصلحة محوره، ليُلحق لبنان بالبلدان الفاشلة الخارجة عن الشرعية الدولية، والمكتفية باقتصاد قائم على تجارة المخدرات وتبييض الأموال وافقار الشعب حتى تتمكن من التحكم به.
ومعلوم ان مواجهة هذا الاحتلال لن تنتهي بعد 15 أيار، ومتوقع أن يبقى «حزب الله» مسيطراً لأنه متمكن من أوراقه وقادر على فرض ما يريده حتى الآن… لكن لا يمكن الاستهانة بفئة كبيرة من اللبنانيين الذين كسروا حاجز الخوف، ولا بد ان تتجلى قدرتهم على التغيير في صناديق حلفاء الحزب.
وحتى لو أسفرت هذه الانتخابات بفعل الهيمنة الحالية عن أكثرية نيابية ما، فهذه الأكثرية لن تستطيع الوقوف في وجه من ضاق ذرعاً بتوظيف المقاومة لإذلال اللبنانيين… وما بعد 15 أيار سيكتشف مرتزقة المحور بأنهم لم ينتصروا… وكل إنجازاتهم ستبقى إلغاء الدولة لمصلحة السلاح غير الشرعي…