Site icon IMLebanon

نصرالله لا يمزح: سنأخذ حقوقنا بحرب أو من دونها

 

 

احتمالات الحرب مساوية تماماً لاحتمالات عدم وقوعها. واحتمال أن تؤدي تهديدات السيد حسن نصرالله، أول من أمس، إلى حلّ يساوي احتمال أن تؤدي إلى حرب تنتهي… بالحلّ نفسه. الأمر المتيقّن الوحيد أننا أمام مرحلة تاريخية ستكون لها تداعياتها الاستراتيجية، وأن حزب الله لا يمزح، وأنه مع حرب أو من دونها، لبنان سيستخرج غازه ونفطه، لأن لا استقرار في المنطقة من دون تحقيق هذا المطلب.

 

إعادة قراءة الخطاب تقود إلى الآتي:

– في أكثر من مكان، شدّد نصرالله على «أننا لا نخوض حرباً نفسية». ومن يطّلع على تاريخ حزب الله، منذ نشأته قبل 40 عاماً، يتيقّن بأنه، في المحطات التي يعتبرها مصيرية ووجودية، يتخلّى عن كل ما له علاقة بالتكتيك والمهادنة وفولكلور الإجماع الوطني المستحيل. آخر هذه المحطات كان في الحرب السورية التي انطبق عليها توصيف الخطر الوجودي. ولذلك، قدّم الحزب آلاف الشهداء، وتخطّى خطوطاً حمراً إقليمية ودولية، ووصل الأمر بنصرالله إلى الإعلان في أحد خطاباته بأن «كل قيادة حزب الله مستعدّة للانتقال إلى سوريا إذا ما لزم الأمر». وعليه، فإن توصيف الحصار الذي تفرضه أميركا وحلفاؤها على لبنان «خطراً مصيرياً»، يعني بما لا مجال للشك فيه أن حزب الله جادّ حتى ينقطع النفس في ما أعلنه نصرالله، وسيفعل أي شيء وكل ما لا يخطر على بال أحد لدفع هذا الخطر. وهو يعتمد في ذلك قاعدة التزاحم المعروفة في الفقه الشيعي، ومفادها أنه عند التعرّض لخطرين (الحرب والجوع مثلاً) ينبغي العمل على دفع أكثرهما خطورة، وإذا ما كانت الحرب معبراً إلزامياً لدفع الأخطر بينهما، فإنها بذلك تتحوّل إلى مطلب.

 

– لم يغلق نصرالله الباب أمام الحلول، ولكن وفق قاعدة ثابتة مفادها حلّ مسألة التنقيب والاستخراج أولاً والترسيم ثانياً (بهذا الترتيب)، وهو إذا ما كان أكّد وقوفه خلف الدولة في مسألة الترسيم، إلا أنه أكّد في الوقت نفسه أنه ليس خلفها في أي خضوع لتسويف العدوّ في ما يتعلق بالتنقيب والاستخراج.

– قد يكون لدى الطرف المعادي تقدير خاطئ بأن الوضع الداخلي اللبناني، الاقتصادي والمالي والمعيشي، يقيّد حركة المقاومة. وهو تقدير صحيح لو لم يكن التقدير، في المقابل، أن لبنان ذاهب نحو الأسوأ والأخطر. هنا، تحديداً، على الأميركي والإسرائيلي إما التفكير بموضوعية والذهاب إلى حلّ يقوم على استعادة الحقوق اللبنانية، أو إخضاع حزب الله لاختبار لن يردّ عليه لمجرّد الرد، وإنما سيعمل من خلاله على إثبات كل عزمه وحزمه ومصداقيته التي راكمها على مدى سنوات، بعدما رفع الأمر إلى مستوى وجودي.

– حسم نصرالله، مسبقاً، الموقف في وجه أيّ محاولات للتمييع والتسويف والرهان على أن حزب الله لن يعمد إلى الضغط في هذا الملف. وهو كان واضحاً إلى أبعد الحدود بأن عدم تلبية المطالب اللبنانية سيدفع الحزب إلى الضغط حتى ولو كان يعلم أن الأمر سيؤدي إلى حرب لا يريدها.

 

في العقل العسكري لحزب الله مفاجآت الحرب تكون في العادة أكبر مما يُعلن عنه قبلها

 

 

كان الأمين العام لحزب الله شديد الوضوح في الإشارة إلى أن «العدو قد يخضع قبل الحرب أو في أولها أو في نصفها أو في آخرها». بمعنى أوضح، لن تكون النتيجة إلا خضوع العدو للحق اللبناني، مع حرب أو من دونها. ومنبع هذه الثقة، على ما يبدو، أمران:

أولهما، الاستناد إلى قدرات خارج توقّعات العدو تماماً. وفي العقل العسكري لحزب الله، مفاجآت الحرب تكون في العادة أكبر مما يُعلن عنه قبلها.

وثانيهما، الظرف الإقليمي والدولي الذي لا يتحمّل حرباً تتحوّل إلى إقليمية وتضع العالم أمام مأزق آخر يُضاف إلى مأزق الحرب التي فرضتها أميركا والغرب على روسيا.

في الخلاصة، قال نصرالله: «إننا وصلنا إلى آخر الخط». المؤكد أنه بعد عبارة «السلام عليكم» التي أنهى بها خطابه، وخلال الساعات الماضية، بدأت مرحلة تشاور على نطاق واسع في المنطقة والعالم، وداخل كيان العدو والإدارة الأميركية وحلفائهما الأوروبيين. وعليه، الأيام المقبلة هي مرحلة انتظار لما قد يصدر عن الطرف المقابل ليُبنى على الشيء مقتضاه. المؤكّد أكثر أن التسويف بعدم الرد، أو الردّ الذي لا يلبّي طموحات لبنان، سيدفع المقاومة إلى مزيد من الارتقاء في رسائلها إلى العدوّ، وإلى كل من هم خلفَه.