IMLebanon

شراكة أو تباعد؟

 

 

يؤكّد السيد حسن نصرالله بشكل دائم ومستمر أن ثمن شراكة اللبنانيين معه، الخضوع لمشروعه الفقهي الآتي من طهران، حيث إنّ من خلال سلاحه الممهور بالختم الإيراني يفرض سياساته الخادمة للنظام الإيراني ولمحوره المُلحق به تخلّفاً وقمعاً وفقراً واغتيالاً وخداعاً. أمّا وقد أثبت أنه لا يُعير للشراكة اللبنانية أي أهمية وأنه لا يُدير أذنه لآراء الآخرين من أبناء الوطن فيتصرّف وكأنه الموجّه الوحيد للبنانيين طالما أن القيّمين على الدولة الرسمية وأوّلهم رئيس الجمهورية قد استسلموا لقيادته، فإن الاستمرار بالارتباط بالسيد حسن ومشروعه وسياسته يعني فقط التخلّي عن الكرامة الوطنية والإنسانية والقبول ببيع الهوية والشرف والتسليم بالخضوع للإذلال وللمذلّة، وكل من يرفض هذا النوع من الاحتلال الفكري والثقافي عليه الابتعاد عن السيد حسن ومرجعيّته الإيرانية ودُويلته التدميرية.

 

وبما أن الاتهامات بالدعوة إلى التقسيم ستنهال عليّ نتيجة الدعوة إلى الابتعاد، فإنني أُوضّح أن التقسيمي هو من يفرض قراءاته على الآخرين وقناعاته على اللبنانيين وسياساته مستعيناً بالسلاح والتعدّيات، أمّا من يدعو إلى الابتعاد عن السيد حسن فهو المُتمسّك بالدولة اللبنانية والشراكة فيها، ولكن الحقيقية منها وليست التبعية.

 

أفضى السيد حسن أخيراً بما لديه حول ملف الترسيم البحري، وهو الذي كان قد وضع نفسه سابقاً خلف الدولة سامحاً لها إنهاء المفاوضات غير المباشرة، وها هو ينقلب على ما أعلنه سابقاً شاهراً سلاحه ومعلناً استعداده للحرب ضد العالم أجمع، ومقدّماً ورقةً جديدة إلى المفاوض الإيراني المعزول حالياً مع قدوم الرئيس الأميركي جو بايدن الى منطقة الشرق الأوسط لزيارة أعداء إيران. ها هو السيد مُجدّداً يستخدم قضية لبنانية ومصلحة وطنية وفرصة استخراج ثروة تاريخية للشعب اللبناني كسلاح ليضعه بيد النظام الإيراني لفرض نفسه في السوق النفطية والغازية في لحظة احتياج الأسواق العالمية لهذه المادة بعد انفجار الحرب الروسية على أوكرانيا وافتقادها خاصةً من الدول الأوروبية وارتفاع أثمانها في كافة أرجاء العالم وتسبّبها بالأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية.

 

يأخذ السيد حسن المبادرة عن كافة اللبنانيين ويُدخل لبنان في لعبة الكبار مستقوياً بالقرار الإيراني وبحاجة المحور إلى وضع العراقيل علّه ينال أثمان فكها رحمةً بالوضع العالمي وحاجة اقتصاديات الدول لنفسٍ غازيّ من مياه الشرق الأوسط. يضع السيد حسن لبنان مجدّداً في مهب رياح المفاوضات الإقليمية ويُقدّم المصلحة اللبنانية ذخيرةً لصالح المحور الإيراني ويُزيد السيد معاناة اللبنانيين ويُثبّت انقلابه على الشراكة الوطنية والهوية اللبنانية. يؤكّد بذلك ممّا لا شك به قدرته على ضرب الشراكة اللبنانية بعدما حقق سابقاً تدمير الاقتصاد اللبناني وعزل لبنان عن العالم الحرّ. ويؤكد السيد حسن ويُثبّت نظريته أن لا شراكة في لبنان إنما إلحاق بالقوة والاغتيال والتهديد والوعيد والترغيب، ويُشدّد على أنه قد ضمّ لبنان الى محوره المتخلّف عن قناعة وعن سابق تصوّر وتصميم، وأن من يرفض او يعاند او يقاوم مشروعه فهو تقسيمي.

 

أمّا وقد وصل الى هذه القناعات وتلك الطروحات، وأوضح نظرته إلى المستقبل وأفهم الجميع نيته لهذا البلد، فإننا كسياديين وكمؤمنين بالشراكة والهوية اللبنانية نقابله بطرحنا وبرؤيتنا المُتمثّلة بأنه لنا الشرف بأن نرفض مشروعه وأن نقاومه وأن نواجهه وأن نبتعد عنه، وندعو بيئته إلى الانفصال عنه أيضاً، وإلا فلامركزية القرار والحياة والحلول هي الحلّ، والمسؤول عن تفكّك الدولة والمُسبّب يبقى هو ذاته من يحاول فرض قناعاته علينا، فنحن لن نتخلّى عن قناعاتنا ولن نعيش قناعاته، والسلام.