IMLebanon

تصعيد نصرالله خط دفاع إيراني متقدّم

 

في التحليل الواقعي لمعادلة الامين العام لـ»حزب الله» التي قفزت فوق رأس العرض اللبناني المرسل رسمياً عبر الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين، ما يمكن ان يربط كل عملية التفاوض بعامل إقليمي لا بد سيستجد، بفعل التوتر المتصاعد بين ايران من جهة، واسرائيل والولايات المتحدة من جهة ثانية.

 

فمعادلة نصرالله تعني أن اي اتفاق على الترسيم وفق المطلب اللبناني في الحقل 23 وفي حوض قانا، لن يكون مقبولاً، فقد ربطت استخراج الغاز الاسرائيلي باستخراج الغاز اللبناني، وهو ما لم ينص عليه عرض لبنان، ما يكبل عملياً اي تفاوض ويجعله عبثياً، لأن السقف الذي وضعه نصرالله وتجاوز به الدولة برؤسائها ومفاوضيها، يجعل ورقة الترسيم ورقة لاغية، ويربط كل ملف الترسيم واستخراج الغاز بمطلب غير قابل للتحقق، اي بالترجمة العملية مطلب يجعل ورقة الترسيم بيد طهران، التي تريد تجميع الاوراق في مرحلة تخشى فيها من استهدافها عسكرياً، بعدما بدأت الحرب الامنية الاسرائيلية تأخذ منحى المواجهة المباشرة، التي تقرأها ايران بعين القلق.

 

وبالفعل، فقد بدأت طهران شد الأحزمة والتحضير الوقائي لأي ضربة محتملة. ولا تخرج مواقف نصرالله عن هذا السياق، فالتصعيد المفاجئ ليس مرتبطاً بعملية الترسيم ولا بالحفاظ على الثروة الغازية، التي طالما أعلن انه يقف وراء الدولة بما تتخذه من خطوات، ليعود في النهاية الى امساك ورقة التفاوض من العنق، والى تهميش اللاعبين الهامشيين، عبر ارسال رسالة واضحة بأن لا ترسيم فيما ايران تشعر بخطر الضربة القادمة، وبأن الحزب في حالة جهوزية، واستعداد للحرب المقبلة، اذا ما استدعى اي عمل عسكري ضد طهران، الرد من جنوب لبنان.

 

لا ينفصل تصعيد نصرالله عن شد الحبال الايراني في العراق واليمن، وغزة. في العراق تضغط ايران على حلفائها للإسراع بتشكيل حكومة المالكي بنسختها الجديدة التي تطمح لترئيسها لاحد رجال المالكي المقربين، والى الآن تبدو هذه المحاولات صعبة، لكن الاصرار الايراني على تشكيل حكومة مواجهة، يستبق خشية ايرانية من التعرض لضربة عسكرية، ويملي بالتالي شد الأحزمة في العراق، باعتباره الساحة الاكثر حيوية لطهران، والبوابة التي يجب إقفالها امام اي مفاجأة غير متوقعة.

 

وكما في العراق ولبنان، كذلك يتوقع للتصعيد ان يبدأ في اليمن، بكسر الهدنة السارية المفعول منذ أشهر، والتي يمكن ان تهتز على وقع الأولويات الايرانية التي تنحو الى استباق التصعيد بالتلويح باستعمال كل الاوراق المتوفرة.

 

ويبقى السؤال، كيف سيتعاطى لبنان الرسمي مع الجواب الاسرائيلي الذي سيرسل عبر هوكشتاين، بعدما قطع نصرالله الطريق على اي تفاوض، وهل ستبقى مزارع شبعا البحرية أسيرة الاجندة الايرانية، الى ان يحسم امر ملفها النووي سلماً او حرباً؟

 

الواضح أن ايران تعتبر أن ورقة الترسيم باتت من اهم الاوراق التي تمتلكها على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة والدول الخمس، وهي تستعمل اليوم هذه الورقة، كرسالة تعبر عن الجهوزية للرد على اي عمل عسكري قد تتعرض له، فخطاب نصرالله بدا كأنه خط دفاع متقدم عن ايران، ومهلة ايلول التي حددها مرتبطة بالقراءة الايرانية التي تخشى التعرض لعمل عسكري، اما المفاوضون اللبنانيون فهم يتفاوضون كسعاة بريد ولا يمتلكون القرار ولا كلمة السر، ولا القدرة على الالتزام بالحد الأدنى من التعهدات.