قالها أمين عام «حزب الله» السيّد حسن نصرالله بالفم الملآن: «حِلّ عنّي، انا الله مكلّفني».
من يتابع الخطاب التصاعدي والتصعيدي لـ»حزب الله» يُدرك تماماً أنّ الخطاب ذاهب باتّجاه «التأليه» وإدخال «الله» في تحديد العدو والعميل والشيطان والكافر والخانع، وتحديد شروط دخول الجنّة من عدمها وحتّى في تفاصيل المَلْبَس والمأكل والمشرب والتربية والتعليم والثقافة، وكذلك في تحديد طرق المواجهة والسلاح والاستراتيجيات، ومكان وزمان الردّ على الاعتداءات، وفي احتكار قرار السلم والحرب بيده بدلاً عن الدولة، وفي تحويل الأوطان الى ساحاتِ تَقَاتُلٍ بين شعوبها بعد إزالة الحدود الدولية بينها.
والحديث يطول في هذا المجال، ولسنا بحاجة الى شواهد وإثباتات، ففي كلّ إطلالة لقيادي ديني او غيره في الحزب نسمع ذات المنطق والنبرة والكلام.
إذا كان كلام هذه القيادات موجّهاً لجمهور وبيئة «حزب الله»، فهذا شأنهم وشأن إيمانهم ومعتقداتهم وليس لنا حق البحث فيه. أمّا إذا كان المقصود بإحتكار «حزب الله» لِـ»الله»، هو تخويف باقي اللبنانيّين وإرهاب كلّ من يخالفه الرأي ويعارضه التوجّه والسياسات، وكل من يرفض الدخول معه في محاور وصراعات لا تعني الشعب اللبناني لا من قريب ولا من بعيد، فهذا أمرٌ فيه نظر لا بل هو أمرٌ غير مُجدٍ، لأنّ لكلٍّ مِنّا نظرته لِـ»الله» الذي يَعبد وللقيامة والجنّة بعد الموت.
من ناحية أخرى، يُكرّر «حزب الله» في العام 2022 بموضوع ترسيم الحدود البحريّة وحقول النفط جنوباً ما حصل في العام 2000 حينما قرّرت إسرائيل الانسحاب من جنوب لبنان تنفيذاً للقرار 425 الشهير وذلك لأسباب سياسيّة، إنتخابيّة، داخليّة مختلفة. وقد ضَجَّت وسائل الإعلام حينها بما كان يجري في أوسلو وغير أوسلو لإتمام عملية الإنسحاب من لبنان.
بكلّ حنكة يُقال، إنّ «حزب الله» تلقّف اللحظة وخاض مواجهات مع العدو الصهيوني ليُثبت أنّ إسرائيل خرجت من لبنان، ليس بفعل قرار كانت قد اتخذته قياداتها، بل بفعل ضربات المقاومة وتحت نيرانها.
وطبعاً لا يزال الحزب ينهل من هذا المورد قوةً ونفوذاً في قَلبِ الدولة اللبنانيّة الشرعيّة.
اليوم، السيناريو ذاته يتكرّر. فالمفاوضات مع إسرائيل جارية بوساطة أميركية لإنهاء النزاع البحري بينها وبين لبنان، والأجواء توحي بإيجابية ما.
السلطة اللبنانيّة التي تفاوض العدو الصهيوني، تضمّ في متنها أقوى شخصيّتين شيعيّتين في النظام اللبناني والدولة اللبنانيّة وهما رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه برّي ومدير عام الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم الذي كان أوّل من التقى آموس هوكشتاين لحظة وصوله الى بيروت يوم الأحد الماضي.
في هذا الوقت وفيما المفاوضات جارية، وعلى مَسْمَع ونظر أميركا والاتحاد الاوروبي والعالم أجمع، يستعرض «حزب الله» مُسيّراته وصواريخه وكاميراته الحراريّة وتزداد تهديداته الخطابيّة لتبلغ سقوفاً «إلَهيِّة» غير مسبوقة.
فهل يَحق لنا كمواطنين، أن نسأل دولتنا العَلِيَّة، من رئيس الجمهوريّة الى رئيس مجلس النواب الى رئيس الحكومة والحكومة والأجهزة الامنيّة، أن نسألهم، هل هم بحاجة الى ما يقوم به «حزب الله» من مناورات للحصول على حقوقنا البحريّة؟
أعلنوها بصراحة ليُبنى على الشيء مقتضاه، ولكي لا ندفع مستقبلاً في الداخل ثمن إدّعاء الحزب بأنّ لولاه لما حصل لبنان على نفطه. فتسديد الفواتير الداخليّة للحزب باهظ الثمن لا نقوى عليه.
«حزب الله» ينفّذ أجندته أو أجندة محوره وهذا ما يعلنه ليلاً ونهاراً، علناً وجهاراً.
هذا مفهوم.
لكن هل سمعتم كلام رئيس «التيّار الوطنيّ الحرّ» النائب جبران باسيل من «غابة الشهيد» في طبريه في كسروان؟
فقد قال حرفيّاً في عيد الجيش: «… واليوم نعيش معادلة قوة، كاريش مقابل قانا، وتُنفّذها المقاومة».
وتابع باسيل: «المقاومة نفّذت معادلة القوة في البَرّ منذ العام 2006، واليوم نعيش معادلة البحر. ونحن نأمل أن نرى النتائج التي أرستها المقاومة في البحر خلال الشهر المقبل».
(للتذكير كلام النائب باسيل عن «قوة المقاومة» كان بمناسبة عيد الجيش اللبناني).
فإذا لم تعطِ مواقفه نتائج رئاسيّة في العام 2022، فَلَرُبّما حُفِظَت له لرئاسيّات العام 2028، إذا ضَلَّينا عايشين.