Site icon IMLebanon

إله الحزب وربّ القوات

 

فاجأ المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية متتبعيه ومحبّيه وخصومه بكشفه أن استعداده للتضحية (وللحرب) هو بتكليف من الله. قالها بوضوح وبعصبيّة: “أنا ألله مكلّفني” مستطرداً: “نحن ناس الله مكلّفن” مقفلاً باب النقاش على قضية جوهرية ومتصدياً بحدّة لمن تجرّأ وسيجرؤ على سؤاله: “إنت مين كلّفك؟” ولو أن التضحية ستقتصر على المكلّف من الله مهمة الدفاع عن برّ لبنان وبحره وغازه لقُبلت على مضض، لكن عندما سيجد اللبنانيون أنفسهم، رغماً عن أنوفهم وإرادتهم، مجبرين على دفع الثمن من أرواح بنيهم والمشاركة الإلزامية في التضحية، كما حصل في حرب تموز المجيدة فسيعلنون العصيان على الله.

 

وثمة سؤال جوهري، ماذا لو طرح الرئيس الآتي، بعد مسيرة عون الشاقة، موضوع الإستراتيجية الدفاعية فهل سيحضر الحاج محمد رعد ورقة أمر مهمة ممهورةً بتوقيع الله عزّ وجلّ، تعطي للمقاومة الإسلامية في لبنان حق الدفاع عن لبنان وفلسطين وسوريا واليمن وأفغانستان والبحرين؟

 

على سيرة التكليف، كنت أود الإتصال بالرفيق الأممي وئام وهاب لسؤاله عمن كلّفه بإصدار فتوى بإعدام فخامة الرئيس فولوديمير زيلينسكي؟ ومن كلّف “سرايا التوحيد العربي” مساندة الجيش الصيني لابتلاع تايوان الأبية؟ توقعت أن يجيبني “حلّ عني. أنا الله مكلّفني”

 

لله في خياراته شجون. و”كل شي بيجي من الله يا محلاه” تقول العامة من المؤمنين. حتى حنا غريب يقول ما قلناه. والله سبحانه وتعالى، وبالتعاون مع زكي ناصيف، أرسل إلينا الجنرال كمخلّص. إن ننسى كيف ننسى عونك جايي من الله في أواخر ثمانينات عصر التنوير والتثوير.

 

يتدخل الله في شؤون البشر متى شاء وكيفما شاء. يكلّف قديساً باغتيال رفيق الحريري ويكلّف آخر باغتيال لقمن سليم. ويتدخل الله في المباريات الرياضية فكم من مرة سُئل مسدد رميات ثلاثية عن تعملقه ضد الفريق الخصم فأجاب “التوفيق من الله” حتى أن يد الله سددت هدفأ قاتلاً في مرمى المنتخب الإنكليزي الشقيق في مونديال المكسيك العام 1986.

 

ولأن الله غفور، لن يقاصصني على ما سبق وما سيأتي. ففي النصف الأول من الثمانينات حضرت قداساً على طقس الروم الملكيين في إحدى بلدات شرق صيدا، حضره مسؤولون في القوات اللبنانية وفاعليات من المنطقة، يومها رتّلت جوقة الكنيسة : “يا ربّ القوات كن معنا/ فإنه ليس لنا في الأحزان معين سواك/ يا ربّ القوات ارحمنا”.

 

يومها ظننت، وكلّي إيمان، بأن رئيس الجوقة كتب هذه الترنيمة وقدّمها خصيصاً للقوات لأكتشف بعد سنين بأن الترنيمة بيزنطية معرّبة عن اليونانية وترتل عندنا نحن الأرثوذكس، منذ أجيال.

 

إذا كان لإله الحزب وكلاء ومكلّفون لا يُناقشون في مهامهم، لمَ لا يكون لربّ القوات اليوناني وكلاؤه في الجمهورية اللبنانية على نفس المقام والسويّة؟