Site icon IMLebanon

حسن نصرالله وبازار النصر «الزبداني»

منذ قرع أمين عام حزب الله طبول الحرب على عرسال في خطاب «ذوبان الثلج» الشهير، بعد الحرب على القصير والقلمون، وانخراط حزبه لاحقاً في الحرب على الزبداني، وذهابه بعيداً في تصوير الحرب هناك بأنها لبنانيّة خالصة، فيما الحقيقة، كلّ الحقيقة في كون الزبداني «خاصرة بشّار الأسد الرخوة»، عمليّاً كان الرّجل يدير ظهره للحقيقة وهو يتحدّث عن «استغاثة» المسلحين فيها بعد أسبوعين على انطلاق المعارك، وليس الأمر بجديد على نصرالله فهو مبدعٌ في تحويل الهزائم إلى انتصارات شأنه في ذلك شأن النظام السوري، وشأن الديكتاتوريات العربيّة التي حوّلت مرة هزيمة الخامس من حزيران العام 1967 إلى «نكسة»!!

كان نصرالله «مكرهاً» على هذه الإطلالة التي تخصّ جمهوره «المصدوم» على وقع إعلان «الهدنة» في الزبداني بعد معارك اندلعت في الرابع من شهر تموز الماضي، وأيلول شارف على الانتهاء، «ولا نصر» يعلن عنه «سيّد الحزب»، خبر «الهدنة» أشبه بهزيمة على جمهور اعتاد أن يسمع «كما وعدتكم بالنصر سابقاً أعدكم بالنصر هذه المرة»، لذا اكتفى بمقابلة تلفزيونية عبر شاشة المنار انطلق بعدها جماعته في تدبيج المقالات حول اللقاء كأنهم يستعيدون ذاك اللقاء الشهير بعد حرب تموز العام 2006، وللمناسبة الإطلالة عبر المنار ليست تكريساً لها كناطق أوحد، ولكنّها الأكثر أمناً في سياسة تجنّب الأسئلة المحرجة!!

 تجاهل حسن نصرالله شوطاً قارب الأشهر الثلاثة، عادَ فيه مئات الشباب إلى ذويهم في القرى الشيعيّة في صناديق، فيما ينتظر آخرون منهم في ثلاجة موت مستشفيات الحزب، تجاهل عدد القادة الميدانيين الذين دوّت جبهة الزبداني بسقوطهم مع بدء المعركة ـ فيما كان نصرالله يمارس أسلوبه في «الاستظراف» على الطريقة «المصرية في أفلام العشق والرومانسيّة عندما يخبر البطل حبيبته البطلة بأنّ البنت التي يحبّها الحرف الأوّل من اسمها منى» ـ ويستخفّ بأعداد قتلى الحزب الذين سقطوا في معارك الزبداني، على عكس تباهيه دائماً بافتخار الحزب بشهدائه، هذه المرة الذين سقطوا أفضت دماؤهم إلى هدنة، والمسلحون في الزبداني فرضوا هدنة بالإكراه تولّت إيران بنفسها المفاوضة عليها، مع الإشارة إلى هدنة شهر آب السابقة التي أسقطها نظام بشار!!

وعلى عادة حسن نصرالله في تجاهل الواقع بالهروب إلى قمّة النصر، تغاضى الرّجل أيضاً عن حقائق طارت متصدرة أخبار الحزب والحرب، ففي التاسع عشر من تموز وبعد خمسة عشر يوماً على اندلاع المعارك كشفت الأنباء أنّ «مجموعة من «الحرس الثوري» الإيراني دخلت الى البقاع قبل أسبوع من بدء معركة الزبداني، وانشأت غرفة عمليات لتدير المعارك في الزبداني وتولي عمليات التنسيق بين «حزب الله» والجيش السوري ولواء «ذو الفقار» العراقي الذي استقدمته إلى المنطقة، قبل بداية معارك القلمون لمساندة «حزب الله» في معركة الزبداني، على الأقلّ هذا يُفسّر سبب تولّي إيران مباشرة التفاوض على الهدنة، هذا إذا تغاضينا عن أخبار الاستياء الإيراني من أداء رجال حزب الله في معارك القلمون!!

كلّ الكلام عن الحراك المدني، أو عن مرشّح حزب الله للرئاسة النائب ميشال عون، كما إعادة تكرار كلام الخامنئي في اتهام المملكة العربية السعودية بالمسؤولية عن حادثة تدافع الحجاج في منى، حتى الكلام عن البحرين والتدخل في شؤونها، كلّ هذا ليس بجديد، وللمناسبة، لو كانت الزبداني سقطت في يد حزب الله لرأينا أمين عام حزب الله حسن نصرالله يخطب عبر شاشة في جمهورٍ حُشِدَ خصيصاً ليهتف له «لبيّك يا نصرالله» وهو يعلن «النصر الإلهي الزبداني»، لكن الحياء من الهزيمة التي منيَ بها هو الذي «أبدع» جملة «زمن الهزائم ولّى وجاء زمن الانتصارات»، لذا اكتفى بمقابلة عبر محطته لا يتعرّض فيها إلى حرج تفسير كيف يفسّر «الهدنة» في الزبداني، وكيف انتصر حزب الله هناك في ميدان منيَ به بهزيمة على يد «داعش والنصرة» ـ كما يروّج ـ بعدما هزمَ وحزبه «أسطورة» الجيش الذي لا يُقهر!!