في آذار العام 2011 ارتكب أمين عام حزب الله حسن نصر الله نفس الخطأ الذي ارتكبه قبل أيام بتدخّله السّافر في الشأن الوطني البحريني، وهذا التدخّل ليس مستغرباً فمهمة إيران في البحرين هي نفسها مهمّتها في لبنان وإن اختلفت الوجوه والأسماء، وبالأمس دخلت الحكومة اللبنانيّة مأزقاً حقيقيّاً بعدما استدعى الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد اللطيف بن راشد الزياني، السفير اللبناني لدى المملكة العربية السعودية عبد الستار عيسى إلى مقر الأمانة العامة بمدينة الرياض، وقام بتسليمه مذكرة احتجاج من مجلس التعاون لدول الخليج العربي بشأن التصريحات العدائية واللامسؤولة التي أدلى بها نصر الله تجاه مملكة البحرين باعتبارها تحريضاً صريحاً على العنف وتدخلاً في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين…
ولأول مرّة لا يتغاضى العرب عن حزب الله، بل حمّلوا الدولة والحكومة اللبنانيّة مسؤوليّة تصريحاته، ولأول مرّة يطالبون الحكومة بموقف واضح وبيان صريح، وهم مدركين عجز الحكومة عن اتخاذ موقف من تصريحات نصر الله، خصوصاً وأنّ شؤون وطنيّة ومواقف اتخذّتها الحكومة ضرب بها نصر الله عرض الحائط منفّذاً أوامر إيران ومطبقّاً أجندتها، وأهمها على الإطلاق تورّطه في الحرب السوريّة والتي أراق فيها الحزب دماء الشعب السوري دعماً للنظام الأسدي الإرهابي!!
في 9 أيار العام 2011 نشر موقع «رجا نيوز» الإيراني مقابلة لأستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران وأحد أهم مُنظّري الحرس الثوري مصطفى ملكوتيان طالب فيها حلفاء إيران في البحرين باتخاذ «أساليب المقاومة العسكرية» ضد الدولة البحرينية وضدّ قوات درع الجزيرة»، وأكد ملكوتيان في هذه المقابلة أن:»استهداف المناطق الحيوية في السعودية في غاية الأهمية، ولذلك علينا أن ندرب الثوار على كيفية صناعة الصواريخ لأجل تلك الغاية»…
لا يستطيع حزب إيران الهروب من واقع السعي الحثيث لإقامة دولة فارسية ـ شيعيّة في الشرق الأوسط والخليج العربي، ولسوء حظّه وقع حزب الله في الفخ عندما صدّق أوهامه بفوز مشروع الشرق الأوسط الإيراني الكبير، وما صدر عن حسن نصر الله قبل أيام أعاد فضح «تكامل» المشروع الإيراني المستمر لضرب المنطقة العربيّة، وربما تكون التصريحات الأخطر هي تلك التي صدرت عام 2011 عن مساعد وزير الخارجية الإيراني منو شهر محمدي الذي كشف المخطط الإيراني فقال:»إن الأزمة المقبلة التي ستصيب منطقة الخليج بالشلل قريبا تتعلق بشرعية الأنظمة الملكية والتقليدية التي لن يكون في إمكانها البقاء في ظل الأوضاع الراهنة»، ونذكر أيضاً بتصريح «الشيعي الأخطر والأصدق» الشيخ ياسر الحبيب الذي دعا إلى إقامة «البحرين الكبرى» لتضم الكويت والبحرين والقطيف والإحساء في بيان أصدره كنواة أولى لتحقيق الوحدة الشيعية في منطقة الخليج، وهذه الدعوة أطلقها من أمام السفارة السعودية في لندن!!
وللتاريخ، لا بدّ لنا من التذكير بأنه في العام 1996 وخلال النصف الأول منه كانت إذاعة طهران لا تفتأ تثير الفتن والبلبلة وتدعو إلى التمرد على الدولة البحرينية والطعن في شرعيتها وقراراتها، وفي 13 شباط 1996 أعلنت عن دعوة لوقف الحركة التجارية لمدة يومين، وفي 15 شباط 1996 دعت الإذاعة لعدم الاحتفال بعيد الفطر، ودعت في 2 أيار1996 مواطني البحرين إلى العصيان المدني، وعدم الاحتفال بعيد الأضحى، وفي 22 آذار 1996 أعلنت إذاعة طهران:»أن الحكومة البحرينية لن تستطيع الوقوف أمام مطالب الشعب البحريني»!!
المؤامرة على البحرين قديمة جداً، ومستمرّة، وما علينا إلا ترقّب موقف الحكومة اللبنانيّة التي ستعجز عن إصدار البيان الواضح واتخاذ الموقف البيّـن من تصريحات حسن نصر الله، وندرك أنّ اللجهة العربيّة المتشدّدة هذه المرّة قد يتبعها إجراءات قاسية إن فشلت الحكومة في اتخاذ الموقف المطلوب، ونظنّها ستُفشّل!!