Site icon IMLebanon

حسن نصرالله و«الحرب» على السعوديّة

مضحكٌ مبكٍ ما يصدر عن أمين عام حزب الله حسن نصرالله هذه الأيام فهو منخرطٌ في خطبٍ نارية وتحريض وشحن مذهبي غير مسبوق ضدّ المملكة العربيّة السعوديّة، من بوابة ادّعاء مواجهة الفكر «التكفيري» وادّعاء الخوف على صورة الإسلام والتشويه الذي تتعرّض له، وهذا الهجوم المُضَلِّل على «الوهابيّة» و»الفكر الوهابي»!!

وحتى لا يتبادر إلى ذهن قارئ ما أنني «ادافع هنا عن الحركة الوهابيّة وفكرها»، أوضح فقط أنّني صوفيّة المَيْل والمشرب والهوى، وثمّة قطيعة بين الوهابيّة والصوفيّة بلغت حدّ تكفير الثانية للأولى، وهذا شأن حركات إسلاميّة كثيرة كفّر بعضها بعضاً في المعتقد، منذ نشأة فرقة المعتزلة وحتى يومنا هذا، وكلّ هذا التاريخ لا علاقة له بـ»داعش» ولا بـ»تنظيم القاعدة» ولا بسواه من التنظيمات الإرهابيّة التي تلعب أدواراً مخابراتيّة في كلّ مرحلة من مراحل تغيّر وتبدّل وجه المنطقة، ولكن…

لا بُدّ لنا هنا من سؤال أمين عام حزب الله عن «تكفيريّة» حزبه لكلّ من يخالف «الوليّ الفقيه» في الرأي، ألا ينشأ حزب الله أصلاً بناءً على عقيدة في الوليّ الفقيه تنصّ بالحرف على أنّ «من يخالف الوليّ الفقيه هو محاربٌ لله ورسوله؟»!! حتى الفكر الوهابي لم يذهب إلى هذا الحدّ من الغلوّ في ما يطرحه من قضايا حيث اعتمدت أفكار ابن عبد الوهاب بشكل عام على إحياء فكر «ابن تيمية» و»ابن قيم الجوزية» في نبذ العادات التي رآها الشيخان ملتبسة بالشرك والتي كانت منتشرة في الأوساط المسلمة وتنقية العقيدة الإسلامية المبنية على التوحيد الكامل لله، أما في مجال الفقه فقد اتبعوا منهج ابن تيمية الذي سلك بشكل عام مذهب الإمام أحمد بن حنبل في الفقه…

«طيّب.. يا سيّد حسن»، فلنجاريك في كلّ الاتهامات التي توجهها للوهابيّة «التكفيريّة»، فماذا عن كتبكم المؤسسة للعقيدة الشيعيّة من «الكافي» للمجلسي، و»بحار الأنوار» للكليني، وكلّها قائمة على تكفير الصحابة ولعنهم وتكفير أمهات المؤمنين، والافتراء على النبيّ وأهل بيته، ماذا عن تاريخ «طويل عريض» من اللعن والتكفير؟ ماذا عنّا نحن «النواصب» في معتقدكم؟ ماذا عن أموالنا ودمائنا وأعراضنا التي تحلّ لكم غنائم حرب؟!

«طيّب.. يا سيّد حسن»، فلنجاريك في كلّ الاتهامات التي توجهها للمملكة العربيّة السعوديّة، ولكن علينا أن نسألك لماذا طبّلت وزمّرت وهلّلت إيران في العشرين والحادي والعشرين من أيلول الماضي للقاء الذي جمع وزير خارجيّة السعوديّة سعود الفيصل -التي تحمّلها أنت مسؤولية الفكر التكفيري الوهّابي- مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف؟! كيف يهلّل «وليّ أمرك» لأي لقاء مع السعوديّة وهي دولة خطيرة تشوّه صورة الإسلام بنشرها الفكر التكفيريّ!!

«طيّب.. يا سيّد حسن»، فلنجاريك في كلّ الاتهامات التي توجهها للوهابيّة «التكفيريّة»، لماذا لا تخبر جمهورك، أنّ مسمّى «الوهابيّة» يعود بالأساس إلى الحركة الخارجية [من خوارج] الوهابيّة «الإباضية» التي أسست في القرن الثاني الهجري في الشمال الإفريقي على يد «الفارسي» عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم!!

أجبنا فقط يا سيّد حسن، إذا كانت السعوديّة تتحمّل مسؤولية التكفير الدّاعشي، لماذا عندما سرّبت إيران أخبار لقاء الفيصل وجواد في نيويورك، سرّبته بتهليلٍ وترحيب وكأنّه انتصارٌ لها؟ وأجبنا، ماذا عن «الوليّ الفقيه» وتكفيره لكلّ من لا يوافقه الرأي؟ ماذا عن إعدامات الخميني لكلّ رجال الثورة الآخرين لمخالفتهم وجهة نظره؟ ماذا عن وضعه صديق عمره «منتظري» في الإقامة الجبرية لأنه لا يوافقه الرأي في «ولاية الفقيه»؟! وماذا عن تكفير الشيعة الإثني عشريّة لكلّ الفرق الشيعيّة الأخرى وبضراوة أشد من تكفيرها لأهل السُنّة وصحابة النبي صلوات الله عليه وبعض أمهات المؤمنين؟!