Site icon IMLebanon

حسن نصرالله بين خطابين!

من استمع بالأمس إلى خطاب أمين عام حزب الله حسن نصرالله وهو ينفي أن يكون «جاب سيرة عرسال والدخول إليها» مطالباً أن يُظهر أحدٌ تصريح أو كلام في هذا الاتجاه، وتناول تحديداً خطاباً يوم الأحد 24 أيار 2014، نقول من استمع إليه ينفي هذه المقولة اضطرّ إلى الاستعانة بنصّ خطابه ذاك لأنه شكّ في أذنيْه وعقله وقدراته على فهم اللغة العربيّة التهديديّة الانفعاليّة لنصرالله التي خبرها اللبنانيّون جيداً…

بالأمس، تحدّث نصرالله عن «نماذج النفاق والتضليل السياسي والتوظيف السياسي الخبيث وذي المستوى الهابط، أن أناساً اخترعوا معركة اسمها معركة عرسال وخرجوا ليدافعوا عن اهل عرسال وان عرسال خط احمر وأنها حرب مذهبية»، بالطبع من السذاجة أن نصدّق حديث نصرالله واتهامه لكلّ من هبّ لحماية عرسال وأهلها الذين أرسلوا وفودهم تجول على الوزراء والمعنيين بعد تخوّفهم من نوايا نصرالله وحزبه، خصوصاً وأنه عنْوَن حديثه عن عرسال بأنها «محتلة»، وأنّ وزراء حزبه مارسوا ضغوطاً هائلة منذ صباح 25 أيار على الحكومة في ملفّ عرسال تحديداً، وليس في موضوع جرودها، وربما هنا من الأجدى العودة إلى خطاب نصرالله السابق، إذ من غير المنطقي أن تكون تهديداته التي أطلقها وعاد و»لملمها» بالأمس تأتّت من توهّم مجوهلٍ خاطبه نصرالله» انت تفترض بأوهامك وعقلك الشيطاني أن أناساً اسمهم حزب الله أو أهل بعلبك الهرمل يريدون أن يدخلوا إلى بلدة عرسال، هذا نفاق»!!

أمين عام حزب الله حسن نصرالله ليس من النوع الذي يعترف بأخطائه، حتى وهو يتراجع عنها، سبق وعشنا هذه التجربة في خطابه في جنازة عماد مغنيّة وقوله: «فلتكن الحرب المفتوحة» ومن شدّة هلع جمهوره خرجت أقلام حزبه تشرح استخدامه لـ»إذا» الشرطيّة وقوله: «إذا أردتم الحرب المفتوحة فلتكن الحرب المفتوحة»… وسبق وعشنا تراجعاً آخر له عشية انتخابات العام 2009 وخطابه الشهير عن «7 أيار المجيد» الذي تراجع عنه لاحقاً وأسماه بـ»المؤسف»، لذا لا يتوقعنّ أحد من نصرالله أن يقول أنّه تسرّع في الحديث عن بلدة عرسال المحتلّة، مع أنّ الجيش اللبناني يحيط بها من كلّ مداخلها ولا يقصد أحد من مواطنيها أرزاقه أو معقله في الجرد إلا بعد إذن من الجيش اللبنانيّ، وبالتأكيد لا ينتظرنّ أحد من نصرالله أن يكشف حجم امتعاض أبناء بعلبك الهرمل من العشائر أبناء الطائفة الشيعيّة الذي بشرّهم فيه بمقتل ثلاثة أرباعهم في معاركه لحماية نظام بشار الأسد، واعداً الربع الباقي بالعيش بـ»كرامة»!!

هي خطوة إلى الوراء نفذّها نصرالله بالأمس، متراجعاً عن حشده لأبناء العشائر، نافياً حاجة حزبه للمقاتلين، وخطوة ثانية نفّذها بالأمس وتراجع إلى الوراء ساحباً تحريضه المخيف ضدّ بلدة عرسال وهو الأمر الذي استدعى كلّ الردّود التي انبرت للردّ عليه وإعلان عرسال «خطّ أحمر»، والأبرز في الردود كان ما صدر عن وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي تحدّث في مجلس الوزراء وردّ على كلام وزير حزب الله حسين الحاج حسن، ونفى الحديث عن وجود 6000 عنصر من الإرهابيين في عرسال أو جرودها، وأنّ عدد المسلحين الذين تراجعوا من القلمون إلى جرود عرسال لا يتجاوز أصابع اليديْن…

وفي السياق؛ علينا أن نسأل حسن نصرالله من الذي أتى بمسلحي داعش والنصرة ودفعهم باتجاه لبنان أليس حزبه وحليفه بشار الأسد بعيد معارك القلمون التي ادّعى أنها تحرّرت والحرب فيها مستمرة إلى الآن بين كرّ وفرّ، ومن الذي تسبب بتدفق ثمانين ألف لاجئٍ من القلمون باتجاه بلدة عرسال الأمر الذي أفضى إلى إقامة مخيم للاجئين فيها وهو فوق طاقة احتمال البلدة وسكانها؟! ومن الذي أطلق التهديد والوعيد وهزّ اصبعه في وجه الشاشة مهدداً قائلاً: «وزير الداخلية في الحكومة الحالية يقول: بلدة عرسال بلدة محتلة من الجماعات المسلحة، حسناً، أنت تقول بلدة محتلة، تيار المستقبل، وزيركم يقول بلدة محتلة، إلا إذا كنتم تخالفونه وتعتبرونه رأياً شخصياً، تأتي الدولة اللبنانية، تستعيد بلدتها المحتلة وأهلها الواقعين تحت الاحتلال، الذين يُخطفون ويُقتلون ويُذبحون، وتعرفون، في عرسال يوجد محاكم لداعش ومحاكم لجبهة النصرة، ويحاكمون ويقتلون ويعدمون، هذا «مدري شو شرب وهذا مدري شو أكل وهذا مدري شو عمل علاقة وهذا مدري شو قال وهذا مدري ماذا فعل» أليس كذلك؟»… تحت أي خانة يندرج هذا الكلام، وأيّ كلام نقلته صحف نصرالله من الغرف المغلقة حتى اضطرّ لإخراج كلامه السياسي إلى العلن؟!

يبدو أن أمين عام حزب الله حسن نصرالله أدرك أنه ارتكب خطأ على طريقة «لو كنت أعلم» إلا أنّه اضطر للرجوع عنه لأنّه هذه المرّة لم يلقَ قبولاً في أوساط من يصنّفهم بأنّهم شعب المقاومة، هذا الشعب الذي تعب من الموت المجاني والعبثي لحساب أجندات الآخرين التي تحمل أسماء مختلفة تقتضيها ظروف المصلحة الإيرانيّة ومشاريعها التدميرية للمنطقة!!