IMLebanon

«من الآخر».. خطاب حسن نصرالله

«من الآخر»؛ ثمّة نقاط كثيرة في خطاب أمين عام حزب الله حسن نصرالله الذي أطلقه بالأمس، تستوجب التوقف عندها، من دون أن يرفّ جفن لأمين عام الحزب سمّى «الاغتيال ـ الزلزال» الذي أودى بالرئيس الشهيد رفيق الحريري «حادثة»، أو «حادثة أليمة» و»حادثة مؤسفة»، لذا و»من الآخر» نقول لنصرالله: تجاهلك لكون اغتيال الرئيس الحريري جريمة العصر، وتجاهلك لكون قيادات حزبك هم الدفعة الأولى من المتهمين في دائرة تنفيذ الاغتيال على الأرض، لن يلغي تورّط حزبك وقياداته وكوادره في الاغتيال ولا تصنيفك للمجرمين المطلوبين للمحكمة بأنهم «قديسين»، كما لن تلغي جملتك العابرة «أتوجه إلى عائلة رفيق الحريري بالتعبير عن مشاعر المواساة والعزاء بسبب الحادثة الأليمة التي هزت المنطقة» الحقيقة التي بات يعرفها القاصي والدّاني من اللبنانيين…

و»من الآخر»؛ عدم لفظك حتى لاسم الرئيس سعد الحريري، ولا تجاهلك لطرحه الوطني المتقدّم ودعوته لإنشاء إستراتيجية وطنيّة لمواجهة الإرهاب، أما إعلانك تأييدك لوضع هذه الإستراتيجية»، فلا ينسينا لحظة أنّك وحزبك استدرجتم الإرهاب والتطرّف إلى لبنان بتورّطكم في القتال في سوريا من قبل أن «يولد» ما يسمّى بـ»داعش» و»جبهة النصرة» ـ التي نوافقك الرأي في أنّ كلتيهما تنظيم إرهابي ـ ولا أنّ هؤلاء «ربائب» سجون حليفك بشار الأسد، ولا أنّ معظمهم غادرها في العام 2012 وبعفوٍ رئاسي من الجزّار بشار الأسد!!

و»من الآخر»؛ في ملفّ انتخابات رئاسة الجمهوريّة، وبرغم قولك «على دول الخليج رفع الڤيتو عن ملف رئاسة الجمهورية في لبنان»، علينا تذكيرك أن نوّابكم هم الذين يقاطعون جلسات انتخاب رئيس للجمهوريّة، وأنّ مقاطعتكم هي لفرضِ رئيس للبنان تختاره إيران، وأنّ وقوفكم خلف ميشال عون ليس رغبة منكم في وصوله لسدّة الرئاسة بل غطاءً مسيحيّ تستفيدون منه كلّما رغبتم في تعطيل الحياة السياسة في لبنان إصراراً منكم على تعطيل الرئاسات ومصادرتها وتعطيل الدولة وتدمير مؤسساتها، وهذا مشروعكم منذ العام 1982 ومشروع إيران للمنطقة، وهذا شاهدناه في لبنان وفي العراق وسوريا، ونشاهده اليوم في البحرين وفي اليمن، وللمناسبة، لا بدّ من تذكير أمين عام حزب الله بأن دول الخليج لا نوّاب لها في البرلمان اللبناني!!

و»من الآخر»، وفي ملفّ تحييد لبنان عن نيران المنطقة، و»سخريتك» و»تبسيطك» لهذا الأمر، لا بدّ لنا من أن نقول، طالما أنّ حزبك يربط لبنان بأوامر «الوليّ الفقيه» وأجندته، فلبنان سيغرق في مستنقع الأحداث، وأنتم ترفضون التعلّم من التجربة التي ورّطتم بها لبنان وشعبه، وعلى العكس سياسة النأي بالنفس كانت لتكون كافية في تجنيبنا الحريق السوري، ودعوة الرئيس سعد الحريري لإستراتيجية وطنيّة ستكون كفيلة بتجنيب لبنان كأس الإرهاب المريرة.

و»من الآخر»، قمّة «المهزلة» هي دعوتكم التي أطلقتموها بالأمس: «فلنذهب سويا إلى سورية والعراق.. تعالوا لنذهب إلى أي مكان نواجه فيه هذا التهديد الذي يتهدد أمتنا»، هذه دعوة مرفوضة، وربما علينا أن نسألك بالتأكيد عن كلمة «أمتنا» لأننا نعي جيداً أنّ المقصود بها «أمّة حزب الله»، إلى أين تريد بعد الذهاب؟ ذهبتم منذ العام 1982 إلى الكويت والبحرين والسعوديّة وإلى اليمن وإلى غزّة وإلى العراق وسوريا، إلى أين تريدون أخذ لبنان؟ ألم تشبعوا  بعد من سياسة توريط لبنان لحساب إيران ومصالحها؟ ألم تشبعوا بعد حروباً وتفجيرات وإرهاب؟! وقد صدق من قال: «حزب الله» و»داعش» وجهان لعملة واحدة»، الفرق الوحيد بينهما أنّ «داعش» ارتكبت وترتكب كلّ جرائمها في العلن، فيما حزب الله يرتكب كلّ جرائمه وإرهابه «في السرّ»!!

و»من آخر الآخر»، استوقفنا كثيراً بالأمس قولك: «أدعو إلى التنسيق بين الجيش اللبناني والجيش السوري لمواجهة الإرهابيين… وأدعو إلى التنسيق بين الحكومتين اللبنانيّة والسوريّة»، و»بِئْسَ» هذه الدّعوة، أمّا حديثك عن مخاوف الوصاية وأنها باتت من الماضي، «فوجودكم وحلفائكم» أكبر دليل على محاولات النظام السوري المستميتة لاستعادة الوصاية على لبنان، وفوق هذا وذاك، فقد هزلتْ جداً عندما ترغبون في فرض تنسيق بين نظام بشار الأسد وجيشه الذي يُبيد شعبه، وبين لبنان وحكومته وجيشه، بعدما رفض العالم كلّه دعوات المجرم بشار لمحاورته والتنسيق معه لمحاربة داعش، نظام بشّار الأسد أخطر من داعش بكثير، فقد «أبو الإرهاب» في المنطقة منذ نشأته، و»من الآخر» لا تخف يا سيّد حسن؛ فعندما «يذوب الثلج» سيبان مرج هذه الدّعوة، لا أكثر ولا أقل!!