يقول الرئيس الإيراني المنتهية ولايته حسن روحاني، إن بلاده «لم تقل أجزاء من الحقيقة» للشعب في بعض الأحيان خلال فترة ولايته التي استمرت ثماني سنوات، مضيفاً: «ما قلناه للناس لا يتعارض مع الواقع، لكننا لم نخبر الناس بجزء من الحقيقة… لأنني لم أجدها مفيدة، وكنت أخشى أن تضر بالوحدة الوطنية». وقال موجهاً كلامه إلى الإيرانيين: «إذا كان لدينا عيب نعتذر للناس، ونطلب منهم المغفرة والرحمة».
معنى كلام روحاني هذا بلغة واضحة لا مواربة فيها أن حكومته دأبت على الكذب على المواطنين، وهذا شأن إيراني، والسؤال هنا هو عن الكذب الإيراني على المنطقة، والمجتمع الدولي!
كم مرة كذبت إيران، فقط في فترة روحاني، وليس منذ الثورة الخمينية، على العراق، والسعودية، وكل دول الخليج، وعلى اليمن، ولبنان، والسوريين، وكم اقترفت من جرائم بحق المنطقة وشعوبها؟
كم مرة كذبت إيران على حلفائها الصين وروسيا؟ وكم مرة كذبت على الأوروبيين بالاتفاق النووي؟ وكم مرة كذبت على الأميركيين، وإن كان بعلمهم، رضاءً أو سذاجة؟ كم كذبت إيران بكل مرة تقول فيها إنها مستعدة للحوار مع جيرانها؟
وكم مرة كذبت وهي تردد أن أمن المنطقة يجب أن يكون بتفاهم دولها فقط، ولا شأن للغرب بذلك ثم تفاوض الغرب، ومنذ زمان أوباما، لتقنع الأميركيين بضرورة أن يكون لها دور في منطقتنا؟
كم كذبت، وتكذب، إيران عندما تقول إن امتلاك القنبلة النووية أمر محرم بفتوى دينية، وما فعلته وتفعله إيران بمنطقتنا هو خراب ودمار لا يقل عن شرور الأسلحة النووية، ويكفي أن حليفها الذي تحميه بالسلاح والمال والرجال، بشار الأسد، استخدم المواد الكيماوية ضد شعبه، وتحت غطاء، وحماية إيرانية؟!
وكم كذبت إيران وهي تتحدث عن استقرار المنطقة وتموّل وتسلح الحوثيين، والميليشيات بالعراق، وحزب الخراب والدمار في لبنان، «حزب الله»؟ والآن تشعل أزمة أمن البحار بمنطقتنا!
كم مرة كذبت إيران حول علاقاتها بالتنظيمات المتطرفة، وليست الشيعية منها فحسب، بل السُّنية أيضاً، سواء تنظيم «القاعدة» الذي آوت أفراده وعوائلهم بإيران، وسهّلت تنقلات أبو مصعب الزرقاوي، ثم إخراج قيادات «داعش» من السجون بالعراق وسوريا؟
بمقدورنا فرد صفحات، بل مجلدات، لنتساءل عن كم مرة كذبت وتكذب إيران ليس على شعبها، وإنما على المنطقة، والعالم بأسره. وأزمة استهداف السفينة الإسرائيلية ما هو إلا دليل على أكاذيب إيران المستمرة، والمنهجية.
وعليه فإن حديث روحاني عن عدم قول الحقائق للإيرانيين طوال ثماني سنوات ليس بالأمر المفاجئ، ولا هو بالشجاعة السياسية، حيث حاول أحمدي نجاد فعل ذلك بعد خروجه من سدة الرئاسة لأن القصة أكبر.
القصة أن كل من تعامل ورصد النظام الإيراني يعرف أنه يعد الكذب جزءاً من الدبلوماسية والدهاء، ولا تلام إيران بالطبع، وإنما الغرب الذي يعي حقيقة أكاذيب النظام الإيراني تماماً، لكنه يطيل أمد الصراع في المنطقة من خلال محاولة استرضاء إيران، ومنحها الفرصة تلو الأخرى.
وهذا خطأ لأن إيران لا تعي إلا لغة واحدة وهي لغة القوة، ولذا يجب تأمل «الحوار» الإسرائيلي – الإيراني كون إسرائيل استوعبت تماماً اللغة التي تفهمها إيران، وباتت تخاطبها بها.