قرأت ما كتبه الزميل العزيز صديق العمر، الاستاذ حسن صبرا صاحب ورئيس تحرير مجلة الشراع في افتتاحية العدد الأخير.
أنا من أشد المعجبين بصراحة وجرأة ونظافة كف حسن صبرا واتفق معه في الكثير مما كتبه وأشعر بأن هناك كثيراً من الأمور بحاجة الى المزيد من الجرأة والتوضيح، لأن الحالة التي وصل اليها أهل السنة في لبنان باتت غير مقبولة.
اكتفي بهذه الكلمات متمنياً ان تكون هذه الرسالة وقفة ضمير من أجل حق المسلمين في لبنان.
وهنا نص رسالة الزميل حسن صبرا الى خادم الحرمين الشريفين، متمنياً ان تلقى آذاناً صاغية.
عوني الكعكي
كتاب مفتوح
من حسن صبرا الى الملك سلمان
لماذا تخلت السعودية عن المسلمين في لبنان؟
خادم الحرمين الشريفين
أخاطبكم علناً بعدما أوصدت كل أبواب الاتصال المباشر معكم، كنت أطلبكم وأخاطبكم عبر الهاتف سواء كنتم في داخل المملكة او خارجها، وكنتم تردون على اتصالاتي الهاتفية، وحين كان يتعذر ذلك بسبب مشاغلكم فقد كان مدراء مكاتبكم في قصر إمارة الرياض او في منزلكم، او في وزارة الدفاع يتولون الردود على اتصالاتي.
أما الآن فإن كل محاولات الاتصال من جانبي تصطدم بردود الممسكين بهواتف القصور الملكية بأن علي ان أتصل بسفارتكم في بيروت، وهذا ما لم أعتده طيلة ثلاثين سنة هي عمر العلاقة معكم، ولا يخفى عليكم يا جلالة الملك الآن ان »ويكيليكس« تجعل أصدقاءكم عراة أمام خصومكم وهذا أمر لا تريدونه لمن يقف معكم.
وكان يمكن ان أخاطبكم كصحافي عبر وزارة الاعلام السعودية، وهذا أضعف الايمان لكن وزيرها عادل الطريفي، وهو في سن أولادي لا يكلف نفسه الرد على اتصالاتي الهاتفية او رسائلي المكتوبة المرسلة عبر الفاكس.
جلالة الملك،
في البدء أخاطبكم كمحب كبير للبنان. وصديق أثير للاعلام في هذا الوطن، وأخاطبكم بالمودة التي أعرفها عنكم نحو شخصي الضعيف لأقول لكم عبر كتابي المفتوح هذا ما كنت أقوله لكم حين كنت أتشرف بلقائكم في قصر إمارة الرياض، أميراً لهذه المدينة القريبة الى قلبي، او في مكتبكم في وزارة الدفاع، او في منزلكم العامر حول مائدة عشاء جامعة.. ومازلت أذكر آخر عبارة قلتها لكم منذ عام ونصف العام: يا سمو الأمير لا تنسوا لبنان لأنكم اذا خسرتم لبنان سيدخل عليكم أعداؤكم الى السعودية وقبلها قلت لكم في قصر الامارة وقد تشرفت باستقبالكم لي وحدي، لتسمعوا مني حال لبنان وأنا أتساءل أمامكم وسط اصغاء شديد منكم لماذا تنكفئون عن لبنان؟
وأنا أذكر يا جلالة الملك انني استفضت بالحديث عن واقع المؤسسات الاسلامية في لبنان الانسانية والصحية والتربوية والثقافية والاعلامية التي تعاني منذ سنوات.
كان هذا منذ سنوات أيضاً يا جلالة الملك والأمور الآن تزداد سوءاً فهل هناك قرار سعودي لترك لبنان؟
إن مجرد طرح هذا السؤال، يثير الاستغراب والدهشة، لأن الناس يعرفون منذ عقود ان المملكة لم تتخل يوماً عن أصدقائها، لكن الحقيقة الآن ان مؤسسات لبنان الخاصة والعاملة في الحقل العام، ومنذ عقود والتي كانت مدعومة من المملكة تعاني وتطلب العون ليصبح الأشد غرابة انها لا تلقى أي رد ايجابي من الرياض او من جدة!
ونحن نخشى يا جلالة الملك الحبيب، ولا نريد ان نصدق ان في داخل المملكة كلاماً كثيراً عن سقوط أهمية لبنان في السياسة السعودية الخارجية، وقد قرأنا وسمعنا وهمس في آذاننا ان في الرياض من يدعو الى التخلي عن لبنان، لأنه في نظر هؤلاء يسبب الصداع للمملكة وقد ظهرت كتابات في بعض اعلام السعودية تتساءل وماذا تستفيد المملكة من لبنان، وتدعو هذه الكتابات الى ادارة الظهر السعودي للبنان! بل وبعضها يشمت من أصدقاء المملكة اللبنانيين من سياسيين واعلاميين وتربويين في المحن التي يمرون بها.
يا جلالة الملك ونحن اذ نؤمن بأن المملكة لن تتخلى عن أصدقائها نؤمن أيضاً بأننا يجب ان نعمل معها على كسب المزيد من الاصدقاء لها في كل المجالات في لبنان لأن توجهاتنا السياسية والثقافية والقومية متطابقة، الى حد كبير واذا كنا نريد الخير للمملكة ولبنان، بكسب أصدقاء جدد لها وتحييد خصوم لسياستها من لبنان قدر ما نستطيع، وكف أذى الاعداء عنها فإننا نتوقع من المملكة ان تقدر مشاعرنا هذه وجهودنا فهل هذا ما يحصل يا جلالة الملك؟
ياجلالة الملك
من حق أي رجل متزوج ان ينجب أبناء جدداً ينضمون الى عائلته، لكن ليس من المنطق ولا هو شرط ان يقتل الأب أحد أبنائه لأنه يريد انجاب ولد جديد.
جلالة الملك الحبيب،
في الوقت الذي يتساءل فيه أصدقاء عن سبب تخلي المملكة عنهم وهم في محنهم التي تتراكم يوماً بعد يوم، فإنهم ينظرون وبحسرة الى أصدقاء ايران الذين ينعمون
بخيراتها وخيرات العراق الذي يدور في فلكها، وهي التي عانت وتعاني الامريّن في الاقتصاد وفي علاقاتها الخارجية، ولا احد يريد ان يصدق ان المملكة التي وصل فائضها المالي الى ما فوق الاربعماية مليار دولار تتخلى عن المسلمين اللبنانيين في محنهم في وقت تحضن فيه ايران كل اصدقائها، بل وتفتح الابواب لاستقبال كل صديق محتمل او خصم مفترض او معاد فعلاً لسياستها.
ويتساءل كثيرون من اصدقائكم في لبنان بدهشة وجدية كاملتين، هل هناك في المملكة من يريد ان يدفع المسلمين اللبنانيين للارتماء في احضان ايران، ولمصلحة من هذا التوجه؟
لقد قيل لنا كثيراً ان سبب الشح المالي السعودي السابق عن لبنان هو تلكؤ رئيس الديوان الملكي السابق خالد التويجري، ولقد صدقنا هذه المقولة سنوات صابرين صامتين، وها قد مضى نحو ثمانية اشهر على ابعاد التويجري عن موقعه وما زال الشح مستمراً.
ولقد قيل اكثر ان هناك صفقة عقدها الامير عبد العزيز بن عبد الله مع بشار الاسد في دمشق عام 2009 في الكويت، وان هذه الصفقة تتضمن موافقة بشار على المصالحة العربية وعلى الخروج من حضن ايران مقابل تلبية شرطه وهو وقف الدعم السعودي المالي والسياسي عن اصدقاء المملكة في لبنان.. انظروا الآن يا جلالة الملك كيف تحكم ايران سوريا وبشار الاسد وكيف يستمر الشح المالي السعودي عن اصدقاء المملكة في لبنان!
جلالة الملك الحبيب،
في جعبتي وجعب المسلمين اللبنانيين واصدقائكم الكثر في لبنان اسئلة لا حصر لها عن هذا الموضوع ولكنني آثرت الاكتفاء بهذا القدر اليسير منها ضناً بوقتكم الثمين ولقناعاتي بأن المكتوب يقرأ من عنوانه.
مع كل التقدير والاحترام.
اخوكم
حسن صبرا