من أسف أنّ الشعب السوري لا يزال يدفع الأثمان الباهظة جداً في مجال التنافس والصراعات على النفوذ وعلى المصالح بين الدولتين الكبريين في العالم الولايات المتحدة الأميركية وروسيا.
وما أن ينتهي فصل من فصول القتال في سوريا حتى ينشب فصل آخر… وما أن تهدأ في مكان حتى تعود لتشتعل في مكان آخر…
وفي هذا السياق، وفيما كنا ننتظر من مؤتمر استانة حول المفاوضات بشأن سوريا، أن يحقق تقدماً في مجال الحل السياسي، في هذا الوقت بالذات تصاعدت حدّة القتال في منطقة الغوطة الشرقية بشكل عنيف جداً، حيث تولت القاذفات الروسية قصف تلك المنطقة الملاصقة لدمشق.
هذا ذكرني بالڤيتنام… إذ عندما كانت تعقد الاجتماعات في باريس بين الاميركيين والثوار كانت الطائرات الاميركية تضاعف حدّة القتل والتدمير واستخدام قذائف النابالم المحرّمة دولياً، ما يذكرنا باستخدام السلاح الكيميائي في سوريا…
فهل هي مجرّد مصادفة أو أنّ هذا ما تفعله الدول العظمى التي تقصف وتقتل وتدمّر فيما تدّعي أنها تريد السلام؟
وهكذا نرى أنّ موسكو تتصرّف في سوريا كما كانت واشنطن تتصرّف في الڤيتنام.
وبعبارة أخرى ليس من دولة إستعمارية بأفضل من سواها… بل ربما كان التنافس على مَن هو الأسوأ.
من ناحية ثانية بات واضحاً أنّ الحل في سوريا هو في يد روسيا، فالتأجيل الى شهر شباط 2018 يعني أنّ روسيا فتحت بازاراً في المفاوضات مع الاميركيين حول مطالب ومصالح كل من الطرفين.
طبعاً ثمة أماكن أخرى يتواجه فيها البلدان الأكبران، مثل أوكرانيا، إضافة الى الخلاف على الغاز وما سوى ذلك… فكم من الأبرياء يسقطون، وكم من المدن تدمّر، فقط كنوع من «فرق عملة» في صراع الجبابرة على خيرات ومقدّرات الشعوب المغلوبة على أمرها، من أجل تحقيق مصالح تلك الدول القادرة.
عوني الكعكي