Site icon IMLebanon

ارحمونا

 

يستحق لبنان، فعلاً، أن يدخل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، بعجائبه وغرائبه، إن في الانتخابات وقوانينها، أو في التشكيلات وحكوماتها، أو في الانتخابات الرئاسية وقد أضحت قاعدة أن يُترك البلد في الفراغ، يا سبحان الله، ويا للمصادفة الغريبة – العجيبة، أنّ الفراغ بدأ منذ أيام الرئيس أمين الجميّل وتكريس العماد ميشال عون رئيساً للحكومة.

 

اليوم، وبعد التكليف الذي استبشرنا به خيراً إذ أنّ الرئيس سعد الحريري أعطى رئيس الجمهورية وجماعة 8 آذار ما لا يمكن أن يأخذوه لو بقوا مئة سنة من دون رئيس ومن دون حكومة.

وبالرغم من ذلك فإنّ العراقيل والصعوبات والشهوات الى الحكم لا تزال هي هي منذ السادس من أيار، وهذا يؤكد على نظريتنا بأنّه لا يمكن للبلد أن يحكم ما دام هناك سلاح غير شرعي مع فئة من الشعب تفرض قراراتها وآراءها كما تريد.

ولنا بعض الملاحظات:

الأولى- لا أعلم، وأصلاً لم أسمع في حياتي، بما يُسمّى حصة رئيس الجمهورية في الحكومة، كنت أظن أنّ رئيس الجمهورية هو رئيس الجميع، فهل إعطاؤه الحصة يعني أنّه فقط رئيس على وزرائه!

الثانية- لكل أربعة نواب وزير، فمن أين جاؤوا بهذه البدعة؟ وكيف يمكن أن تثبت هذه النظرية في بلد من 18 طائفة؟

الثالثة- أما الثلث المعطّل، فما هذه البدعة أيضاً؟ كيف يمكن أن تكون هناك فئة هي التي تقرّر متى تسمح للحكومة أن تعمل وتنتج ومتى لا تسمح لها! في أي ديموقراطية يحدث هذا؟ وفي أي نظام حكم؟

الرابعة- يطالب أحد التيارات بسبعة وزراء قياساً الى حجمه؟ أظن أنّ هذا قليل… فليعطوه وزراء بعدد نوابه؟ وبالتالي لماذا حكومة من 30 وزيراً، فلتؤلف الحكومة من 128 وزيراً (أي عدد النواب) وذكرني هذا الطلب برواية عن كاهن سقط في النهر فهرع الناس لمساعدته لأنه لا يجيد السباحة، ونادوه: يا أبانا أعطنا يدك… فلم يرد، وتكرّر النداء له وتكرّر عدم مد يده في المقابل، الى أن مرّ كاهن في المكان، فقال لهم أنا أجيد الكلام معه، فقال له: »يا أبونا« خذ يدي… فمد الكاهن الغريق يده وتم إنقاذه.

فهل يجوز أن يكون هناك من يريد أن يأخذ كل شيء؟ وهل لا بد من تكرار تجربة حكومة الميقاتي؟

الخامسة- كان لافتاً التصريح الذي أدلى به الشيخ نعيم قاسم الذي أصبح هو ونظام الملالي يريدان أن يحدّدا المواصفات لتأليف الحكومة، وأن يفرضا الشروط على تأليفها! فهل أصبحنا في «حكم الملالي»؟

السادسة- ليس سعد الحريري وحده هو المظلوم، كذلك فإنّ الدكتور سمير جعجع في معاناة مماثلة لمعاناة سعد، فبعد «اتفاق معراب» الذي من خلاله ومن خلال الرئيس سعد الحريري وصل العماد ميشال عون الى الرئاسة، وهو هدف ما كان ليتحقق إطلاقاً لولا جعجع والحريري… ولكن جبران باسيل يستأثر بالسلطة تحت شعار أنا أو لا أحد.

وأخيراً، وليس آخر: هل هكذا يمكن بناء دولة؟

هل هكذا تكون الشراكة في الحكم؟

هل هكذا تُقابل تضحيات سعد الحريري؟

هل هكذا تُقابل تضحيات سمير جعجع؟

فعلاً لا نكاد نصدّق ما يجري اليوم في لبنان، خصوصاً أنّ الوضع الاقتصادي الصعب لا بل المتهرئ (إفلاس شركات) وهو وضع على حافة الإنهيار… والقيادة السياسية العليا تتصرّف وكأنّ لا وجود لأي من هذه المخاطر، وهم غير مبالين ويبحثون عن الحصص!

عوني الكعكي