صديقي السفير يمثل رئيس الجمهورية ولبنان في بلد أوروبي. وهو يتابع «الشرق» منذ ما قبل انتدابه الى المهمة الديبلوماسية الرفيعة.
واستمر يتابعنا من حيث هو عبر موقع «الشرق» الالكتروني. كان لنا حديث طويل عبر الهاتف، إذ اتصل بي تعقيباً على أحد المقالات قائلا: أود أن أعرب لك عن تقديري لما ألمسه في مقالاتك من تفاؤل في كثير من الأحيان.
تشعب الحديث بيننا ومما قاله:
يجب أن تعرفوا أن إخوانكم وأبناءكم المنتشرين في العالم يتأثرون كثيراً بالإعلام اللبناني، وهم يتفاعلون مع المعلومة والرأي سلباً أو إيجاباً. لذلك عندما تصلهم «أخبار السوء» ومقالات التشاؤم تنعكس على معنوياتهم ويتصلون بي مستفسرين، قلقين، ناطرين أي إشارة إيجابية.
وأضاف: أود أن أنقل إليكم أنّ قرار المملكة العربية السعودية رفع الحظر عن سفر رعاياها الى لبنان تلقفه مواطنون خليجيون كثيرون، هنا، بفرح وحبور. لي أصدقاء بينهم قالوا لي ما أقوله لك الآن: أبشروا بصيف حافل سياحياً، فهم لا «يجدون أنفسهم» خارج بلدانهم، إلاّ في لبنان. ويقولون لي: ارحموا أنفسكم، خفّفوا من غلوائكم، أوقفوا «السجالات الحامية»، فلا يكون كل واحد منكم ناصباً فخاً للآخر، والكلّ ينتظر الكل على الكوع ليسّجل مأخذاً.
ومضى يقول: يلفتني، ويلفت اللبنانيين في الانتشار، كما يلفت الإخوان العرب أن بعض وسائط الإعلام لا تتحدّث إلاّ عن السلبيات، فتبحث عنها «بالفتيلة والسراج» لتعظمها، فتجعل من الحبّة قبة. وهذا له مردود سلبي جداً على النظرة إلى وطننا الذي أجزم، من خلال إطلاعي الشخصي والمباشر، بأنّ لبنان هو البلد الأكثر طمأنينة بين معظم بلدان العالم. وهو البلد الذي يعشق أهله الحياة ويقبلون عليها بشغف كبير. وهذه ميّزة لبنانية معروفة كما أنه نمط حياة يجتذب السياح.
واستطرد السفير اللبناني يقول: من أسف (ومن حسن الحظ في آنٍ معاً) أنّ الأجانب والعرب ينظرون إلى وطننا بأفضل ما ينظر إليه معظم أهله. و«المآخذ» التي سُجلت في مجلس النواب خلال مناقشة البيان الوزاري يمكن أن يؤخذ أكثر منها حتى هنا في أوروبا.
ولاحظ السفير أن المسؤولين، وحتى الإعلاميين والمعنيين من الرأي العام يتحدثون عن لبنان بكثير من الإعجاب، والبعض منهم يعرب عن دهشته كيف أن هذا الوطن الصغير يستطيع أن ينهض بقوة وفاعلية إثر كل كبوة. بل ينتفض من تحت ركام الأحداث والتطورات بقوة وعزيمة وأمل ورجاء.
واستدرك: هذا لا يعني أننا البلد «المثالي» وأنّ المسؤولين والقيادات والزعامات هم جميعاً «امرأة القيصر» فوق الشبهات… ولكن أن نستمر نجلد ذاتنا بقسوة وأحياناً كثيرة لمصلحة الخارج، فهذا ما ليس مقبولاً، من المستحيل أن أكون أدعو إلى التطبيل والتزمير للمسؤولين. فقط أدعو الى أن نسّجل أيضاً الإيجابيات خصوصاً عندما تكون الكلمة أو الرأي أو الفكرة موجهة الى الخارج (…)
صديقي سعادة السفير، آمل أن أكون قد أوصلتُ الرسالة.